طالب أكاديميون وشرعيون عموم المسلمين ممن أدوا فريضة العمرة إلى تأجيل القدوم إلى المسجد الحرام ليتيحوا المجال لإخوانهم ممن لم يتمكنوا من ذلك قبلا، في ظل ظروف توسعة صحن المطاف التي يشهدها المسجد الحرام هذه الأيام. «عكاظ» بسطت عليهم أبعاد قضية زحام العمرة في الاستطلاع التالي: أستاذ كرسي الأمير نايف لدراسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدكتور غازي بن غزاي المطيري قال: «إن الناظر إلى الحرمين والمشاعر المقدسة لاسيما المسجد الحرام والمسجد النبوي يدرك مدى الجهود الضخمة والمشاريع الكبرى التي تقام بين جنباته مما يضيق الخيار أمام الحجاج والمعتمرين والزوار إلى هذه البقاع المقدسة وذلك أن الدولة السعودية حريصة على الجمع بين تقديم الخدمات اللائقة للوفود الكريمة وبين أداء العبادة على الوجه اللائق الذي يبعد عن الجميع العنت والمشقة، ولذا اقتضت الضرورة الطارئة أن يقنع الجميع بأهمية المساعدة على التنظيم الدقيق لتلك الأفواج الضخمة من خلال إرجاء الزيارة أو العمرة في أوقات مناسبة تتيح الفرصة لمن لم يظفر بحج أو عمرة أو زيارة من قبل»، وأوضح أن الحكم والعلل مكشوفة واضحة وإن المسؤولية تتوجه أولا إلى جميع المواطنين والمقيمين أن يأخذوا بزمام المبادرة ويقدموا صورة رائعة للفهم السديد والفقه الرشيد لهذه النازلة أو الكائنة التي استوجبت ظروفا ومعالجات طارئة، وبين أن المسلم إذا صدقت نيته وصحت عزيمته أصاب أجرا مقبولا. الحرص الشديد من جانبه، أشار المستشار والباحث الشرعي الدكتور رضوان الرضوان، إلى أن العمرة في رمضان ليست واجبة حتى يحرص الناس عليها حرصا شديدا، مبديا استغرابه من ذلك على الرغم من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رمضان خاصة، لافتا إلى أن اجتهاد الناس وتكلفهم الزائد في أداء العمرة في رمضان من المبالغات التي أخرجت هذه العبادة عن كونها مجرد نافلة إلى إلزام بعض الناس أنفسها بأدائها كل عام في هذا الشهر، وهو بلا شك تكليف للنفس بما لم يكلفها الله به، وقال: «يجب على الناس الاستجابة لنداءات المسؤولين وعدم مزاحمة الناس والمغامرة، وعلينا التخفيف على الذين لم يتمكنوا من أداء فريضة العمرة حتى الآن، فترك المجال لهم أوجب وأفضل من الذهاب إلى هناك خصوصا في هذه الأيام، لئلا يحصل التشديد على الناس، علما بأن الأمر منحصر في هذا الزمن الذي يشهد فيه الحرم زحاما شديدا، وهو ما يستوجب تكاتف الناس وحرصهم على التخفيف»، وأضاف: «هذا يشمل الذين يحرصون على أداء صلاة التراويح في المسجد الحرام، لئلا يشقوا على الناس، فمكة المكرمة كلها حرم ومساحتها كبيرة، ولهذا فإني أخشى على فاعلها من أن يلحقه الإثم». السمع والطاعة من جانبه، قال عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الشيخ الدكتور إبراهيم بن عبدالله المطلق: «إن مما أوجبه الله علينا وسنه وشرعه وجوب السمع والطاعة للولي الأمر بالمعروف، فهو في مثل هذه الأمور والتي هي في خدمة الإسلام والمسلمين يرى ويقرر ما فيه المصلحة وفي هذا التوجيه حفاظ على الأرواح والطائفين من الهلاك والضرر الدائم أضف لذلك أننا نلاحظ الكثيرين من الناس وصل بهم الحال إلى اعتقاد وجوب العمرة في رمضان استدلالا بتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة التي فاتها الحج معه حين قال لها: (عمرة في رمضان تعدل حجة معي) فأخذ البعض من هذا الحديث استدلالا على أفضلية العمرة في رمضان، حيث إنه لا يكاد يمر عام إلا ويعتمر في رمضان وذلك مما نعرفه ونشاهده من الكثيرين، وهذا بلا شك خلاف السنة النبوية، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر عمرة واحدة في رمضان وكلها في شوال وليست في رمضان لو أردنا الأخذ بالسنة والتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم، والله تعالى يقول (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، وأضاف: «نحن نرى هذه القيادة المباركة والدولة الكريمة تبذل جهودا عظيمة في العناية بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة ونؤكد أن الإضرار بالنفس والآخرين منهي عنه». وأضاف: «صحيح أن الله تعالى يقول: (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى)، لكن مع هذه الظروف والأعمال التي تصب بادئ ذي بدء في مصلحتنا جميعا ينبغي لنا التعاون والتكاتف مع هذه القيادة والمؤسسات والجهات المعنية حتى ينتهي هذا المشروع العظيم ومن ثم تعود الأمور لمجاريها وللإنسان أن يعتمر متى ما شاء وفي أي وقت شاء».