ظاهرة ازدحام المسجد الحرام بالمعتمرين ليست جديدة أو خافية على أحد، فأعداد كبيرة من المواطنين والمقيمين، يكررون العمرة لأنفسهم أو لغيرهم بشكل مبالغ فيه، حتى وصل الحال بأحدهم لأن يؤدي خمس عمرات في يوم واحد، وحتى لم يُبْقِ من شعر رأسه شيئا يمكن أن يحلقه لتتم عمرته. فما مدى مشروعية مثل تلك الأعمال؟.. وما مدى الحاجة لإتيانها وممارستها بين الزوار والعمار؟.. وهل هذا يعد مؤشرا إيجابيا على زيادة التدين والارتباط بالبيت، أم لهذا دوافع وأسباب أخرى؟ ليس منهجنا في البداية يؤكد الشيخ صالح العصيمي عضو جمعية الفقه السعودية، أن تكرار العمرة ليس من منهج السلف، كما أن بعض الناس يعتمرون عن غيرهم وهم لم يعتمروا لأنفسهم بعد مع الأسف الشديد. ويوضح أن كثيرا من الناس تجدهم يذهبون في رمضان ويعتمرون خمس مرات، ويقول هذه لأمي وهذه لأبي وهذه لجدتي وهذه لصديقي وهذه لخالتي، وكأنه لا يريد الحسنات؟. ويضيف: فهذا نقول له يا أخي الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في عمره إلا أربع مرات ولم يقل ولا في واحدة منها إن هذه لزوجته خديجة أو إحدى بناته كزينب أو أم كلثوم أو رقية. ويقول العصيمي: “ثم نأتي إلى مسألة أخرى وهي أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعتمر عن عمه حمزة؛ لأنهم ماتوا قبل أن يوجب عليهم الحج والعمرة، وكذلك الصحابة رضوان الله عليهم”. ويوضح: “فلم يؤثر عن ابن عمر أن اعتمر عن أبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنهما”. ويؤكد: “إذن المسلم يعتمر عن نفسه ويدعو للأموات”. ويوضح، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث”، وذكر ولد صالح يدعو له، ما قال ولد صالح يعتمر عنه. التكرار ويذكر العصيمي: “أما في الجزئية الأولى وهي الاعتمار عن نفسه فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفيان الخبث”. ويضيف: فيجوز للإنسان أن يعتمر ويذهب ويروح. ويستدرك: لكن إذا صار في ازدحام شديد فالمسلم يكتفي بعمرة واحدة في رمضان ولله الحمد ويكثر من الدعاء. ويوضح: لكن لا نقول حرام ولا مكروه. مرفوض من جانبه، يرفض الشيخ سعود الفنيسان أن يكرر الناس العمرة، مؤكدا أنه ليس من منهج السلف أن يأتي الشخص بعمرة أو أكثر في فترة واحدة. وطالب الفنيسان المعتمرين وبخاصة من يأتون من بلدان أخرى، بعدم مزاحمة المعتمرين، والإتيان بها حتى للأموات ما داموا قد اعتمروا عمرة الإسلام. وحول جواز أخذ العمرة عن الأحياء وخاصة العاجزين عن الإتيان بها لمرض أو عذر آخر، أوضح الفنيسان أنه لا يجوز أن يأتي الحي بعمرة لحي مثله إذا كان قد اعتمر سابقا. وعلل ذلك بأن العمرة واجبة مرة واحدة في العمر على الصحيح من قول العلماء. وأضاف: ومن ثم فمن أخذ عمرة وهو حي، لا أرى أن تتم العمرة عنه من قبل أحد أقاربه أو أبنائه. وقال إن على المسلم أن يشتغل بما يكون في ميزان حسناته، وأن يدعو للأموات بالمغفرة والرحمة، بدلا من أن يؤدي أمرا قد لا يصل ثوابه إليهم. لا تجوز ويقول الشيخ محمد المنجد المشرف على مواقع الإسلام: اختلف أهل العلم في حكم تكرار العمرة في السفرة الواحدة. وأوضح أن الصحيح أنها لا تشرع، وأنه لا يجوز الإتيان بأكثر من عمرة في السفرة الواحدة. وقال إن من دخل مكة ليعتمر فلا يشرع له تكرارها لا عن نفسه، ولا عن غيره، إلا أن يخرج من مكة بغير قصد الرجوع إليها بعمرة، فيجوز له إن دخلها ثانية أن يعتمر عن نفسه، أو عمن لم يعتمر من أقربائه أو أهله. وقال المنجد: “إن ما يفعله الآن كثيرون من تكرار العمرة في السفرة الواحدة ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا من هدي أصحابه رضي الله عنهم، وهم الذين كانوا يبذلون الجهد للوصول إلى مكةالمكرمة، ويحدوهم الشوق للاعتمار؛ لما له من أجر جزيل”. وأضاف المنجد: “إن مثل من يكون منزله قريبا من الحرم ويعتمر كل يوم أو كل يومين، أو يعتمر القريب من المواقيت التي بينها وبين مكة يومان، في الشهر خمس عُمَرات أو ست ونحو ذلك، فهذا مكروه باتفاق سلف الأمة، وهو وإن كان استحبه طائفة من الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد: فليس معهم في ذلك حجة أصلا إلا مجرد القياس العام، وهو أن هذا تكثير للعبادات أو التمسك بالعموميات في فضل العمرة، ونحو ذلك.