ناشد عدد من الدعاة والمثقفين قاصدي بيت الله الحرام بتأجيل العمرة حتى وقت آخر نظرا للمشاريع التنموية التي تشهدها المنطقة المركزية للمسجد الحرام وصحن المطاف، الامر الذي يصب في مصلحة وراحة ضيوف بيت الله الحرام بعد اكتمالها. يؤكد الدكتور حسن بن محمد سفر أستاذ الدراسات الشرعية والأنظمة المقارنة بجامعة الملك عبدالعزيز عضو مجمع الفقه الإسلامي والمحكم القضائي الدولي المعتمد بوزارة العدل، أن الشريعة الإسلامية جاءت في قواعدها ومبادئها ونظرياتها في ما يتعلق بالعبادات بالتيسير على الناس ورفع التكاليف عن الأمة في ما لا تستطيعه انطلاقا من قوله تعالى: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) وبناء على ذلك فإن فريضة الحج تأتي في العمر مرة واحدة وكذلك العمرة حسب ما يستطيع الإنسان. وأضاف في هذا الصدد ان الفقهاء وضعوا أحكاما في أدبيات الحج والعمرة من كتب الفقه الإسلامي كالإمام إبن قدامه -رحمه الله- والإمام إبراهيم الحربي في مناسكه، وفي ضوء ذلك فإن المتتبع لأحكام الحج والعمرة يجد أن الله عز وجل قد أشار فيها إلى بعض الواجبات والرخص والمباحات، وعليه فإن تكرار الحج أمر لا ينبغي أن يكون لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن الحج مرة في العمر، وأن أولويات الحج التي استند عليها الفقهاء فيها مثل الإمام الماوردي تحقيق المقاصد الشرعية في أداء فريضة الحج من حيث اليسر والسهولة والأمن وعدم الازدحام، فضلا عن عدم الوقوع في الرفث والفسوق، ولما كان الحج على هذا المنوال، فإن التوسعة التي تجري في الحرمين الشريفين في مكةالمكرمة وفي صحن المطاف بالتحديد إنما القصد منها راحة الزوار والمعتمرين خصوصا ما يتعلق بمساحة الطواف، وقد رأى ولي الأمر بثاقب نظره -حفظه الله- أن تجرى التوسعة لاستيعاب الأعداد التي تأتي في خطة تشمل أداء الفريضة في راحة واستقرار وقد جرى توسعة المطاف وتشييده، والعمل بهذا أخذا بالقاعدة الفقهية الشرعية أن تصرف الإمام على الرئيس مربوط بالمصلحة، ولما كانت المصلحة تقتضي أن تجرى التوسعة فإن من حق ولي الأمر أخذا بهذه القاعدة أن يستسمح المسلمين لهذا الظرف الطارئ في أن يقللوا من عدد القادمين للحج وأدا مناسك العمرة لمدة توقيتية وليست توقيفية والمقتضى الشرعي يتوجب المحافظة على كليات الشريعة الخمس ومنها حفظ النفس، مؤكدا أن النفس التي تعد أغلى ما عند الإنسان وأيضا حفظ سلامة أعضائه من الزحام، إذن على المسلمين أن يراعوا هذا الجانب المقاصدي الذي أشار إليه كثير من العلماء والفقهاء كالإمام العلامة ابن عاشور -رحمه الله- في مقاصده نقلا عما ذكره الإمام الشاطبي -رحمه الله- في كتابه موافقات، من أن أحكام الشريعة الإسلامية التي أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم لها مقاصد، ومن هذه المقاصد الكليات الخمس التي جاءت بها الشرائع النبوية كلها فينبغي أن يراعى هذا الجانب بل إن الأمر يستوجب أن يقوم العلماء والفقهاء وبعثات الحج بإرشاد القادمين بأن أمر العمرة لا ينبغي في هذه الظروف، مؤكدا أن واجبنا جميعا مواطنين سعوديين ومقيمين في المملكة، أن نتضافر في ألا يكون هناك ازدحام وتكرار للعمرة في هذا الشهر المبارك. ومن جهته، أوضح المشرف على مكتب هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية في مكةالمكرمة أستاذ كلية الدعوة بجامعة أم القرى الدكتور أحمد بن نافع المورعي ان للعمرة أجرا وفضلا كبيرا خاصة في رمضان، مشيرا الى أن العمرة في رمضان تعدل حجة مع الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمن الصالح يسارع دائما إلى الخيرات ابتغاء الإجر والمثوبة من الله عز وجل. ولفت الى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين لنا أنه إذا تعارضت المصالح بدئ بأهمها، وإذا تعارضت مصلحة مع مفسدة، فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، مشيرا الى أن الحرم المكي يشهد اليوم توسعة مباركة في هذا العهد الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -حفظه الله- وسوف يفرح جميع المؤمنين بعد ثلاث سنوات بهذه التوسعة العظيمة ويرون آثارها المباركة، ومن هنا كانت دعوة الرئاسة العامة للمسجد الحرام والمسجد النبوي لاختيار الوقت المناسب لأداء العمرة، أو حتى تأخيرها للعام القادم أو لما بعد رمضان وأن يحتسب الإنسان الأجر والثواب من الله، ذلك أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، حاثا جميع المسلمين في داخل البلاد وخارجها أن يراعوا هذا الظرف وهي فترة مؤقتة، فمن عمل عمرة سابقة، لا ينبغي أن يكررها كل يوم أو حتى كل أسبوع ورمضان.