ما إن تهل ليالي شهر رمضان المبارك في قرى جازان، حتى تنتشر رائحة بخور المستكة العطرة في أروقة الشوارع والأزقة، منبعثة من المنازل، إذ تحرص ربات البيوت على تبخير ماء الشرب وتطييبه، فلا يكاد يخلو بيت من زير أو جرة أو خزان ماء مبخر بالمستكة، في ليالي الشهر الفضيل. وعن هذه العادة أوضح العم سالم ناصر (77عاما) أنهم قديما كانوا يحفظون الماء في جرار مصنوعة من الفخار تعمل على تبريد الماء، إضافة إلى أنها تحتفظ برائحة المستكة داخلها لفترة طويلة. وذكر أنهم اعتادوا على تبخير الماء بالمستكة داخل الاوعية الفخارية، في ظل عدم توافر الكهرباء كما هو الوضع حاليا، لافتا إلى أنهم كانوا يجهزون الجرة بتبخيرها بالمستكة ثم تعبأ بالماء وتغطى بإحكام قبيل صلاة الفجر، ومن ثم توضع الجرة المعبأة بالماء المبخر تحت ظلال الأشجار داخل المنزل ونتركها طوال النهار إلى وقت الإفطار لنجد بعدها الماء باردا ومبخرا ويعبق برائحة زكية، فميزة الأواني الفخارية أنها تسمح بنفاذ الهواء مما يجعل الماء باردا داخلها. بينما يرى محمد حمد سليمان أن هذه العادة بدأت تختفي نوعا ما في المدن وبعض الأحياء نتيجة دخول الحضارة المدنية وتغير أساليب المعيشة، مبينا أن بعض كبار السن يتمسكون بشرب الماء المبخر، ويحرصون على تواجد الجرار المصنوعة من الفخار، ويعمدون على نقلها لأبنائهم وأحفادهم من أجل المحافظة على هذا التقليد الرمضاني الجميل الذي يضفي على ليالي شهر الكريم رائحة جميلة تنتشر في الأزقة والحارات. إلى ذلك أكد الشاب رمزي جعر أنه اعتاد على شرب الماء المبخر بالمستكة، مبينا أنه ورث هذا التقليد من والده. وقال جعر «اعتدنا في منزلنا على تواجد خزان الماء البارد والمبخر بالمستكة الذي يضفي على الماء رائحة جميلة، ناهيك عن فوائده الصحية منها أنه يجعل الصائم يكثر من شرب الماء وهذا الأمر مفيد صحيا»، لافتا إلى أنهم في السابق كانوا يستخدمون الآنية الفخارية، أما الآن فالكثير من الناس يستخدمون خزانات البلاستيك ويبخرونها بالمستكة لمدة خمس دقائق ثم يخرجون المستكة ويملأون الخزان بالماء والثلج ويكون بعدها جاهزا للشرب وهذا المظهر تجده في غالبية البيوت خصوصا في شهر رمضان المبارك.