صلى أحد كبار السن العشاء والتراويح وراء إمام حسن التجويد، صحيح الحروف، متقن للوقوف، تلقى القرآن من أفواه الشيوخ، وعنده إجازة معتبرة، وفي صلاة الوتر بدأ الإمام القنوت وأخذ يدعو وأطال. ذهب الخشوع، وأصبحت أمنية المسن المصاب بالسكر السلام. قال المسكين شاكيا: وقفنا في القنوت نحو نصف ساعة حتى ختمه الشيخ. الدعاء مخ العبادة. وكنت أقول لصديقي الأستاذ عبدالرزاق حمزة: نحن ندعو الله والأمور لا تزداد إلا شدة. فقال ضاحكا: تصوروا لو أننا لم نكن ندعو الله؟ إذن لكانت الهاوية فاستمروا في الدعاء أحسن لكم. وقد صدق الله تعالى «قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم». لكن أليس للقنوت حدود؟ الأئمة مترددون بين الحديث الشريف «إن الله يحب العبد الملحاح»، وبين الحديث الآخر عندما علم النبي عليه الصلاة والسلام أن أحد أصحابه يطيل في الصلاة فقال: «أفتان أنت يا معاذ؟». الإلحاح على الله جميل. انفرد بالفرد الأحد سبحانه وقل ما ترجوه نثرا أو شعرا، بالعامية أو بالفصحى، همسا أو جهرا، لكن لا تفتن المصلين بالإطالة. كيف يكون القنوت وهو سنة أطول من القيام قبل الركوع وهو ركن؟ التناسب المطلوب، بحيث لا يزيد القنوت على وقت قراءة الفاتحة والإخلاص والمعوذتين. وماذا عن البكاء؟ بعد السلام ابك ما شئت، واحذر أن يفوت السحور!