وأنت تتجول في شوارع جدة لا تمتلك إلا أن تضع يدك على رأسك من هول المركبات التي باتت تحمل في صناديقها الخلفية ما ثقل وزنه وثمنه، خردوات ومعدات تحملها الشاحنات على ظهرها وتسير بها في الطرق الرئيسية والفرعية دون هوادة، أو خوف من رقيب يحاسبهم، بضائع تختلف بشكلها وحجمها وثقلها ولكن المحصلة في النهاية هو الخطر الذي يحدق بقائدي المركبات المجاورة. وأجمع عدد من قائدي الشاحنات أنها غالبا ما تكون محملة بخردوات تم جلبها من أحد الأحواش المخالفة على الطريق السريع، وهي تتمثل في مجموعة من كيابل وأسلاك الكهرباء. جولة «عكاظ» شهدت شاحنة محملة بالخردوات وعلى الفور قامت بأخذ طريق الحرمين دون وضع ساتر يغطيها ويحجبها على أن لا تتطاير على أصحاب السيارت الأخرى أثناء سيرها، والأمر لا يتوقف على هذه الشاحنة فحسب بل كانت هناك شاحنة أخرى بنفس الطريق محملة بخردوات ما بين حديد وبلاستيك في أحجام مختلفة وهي أيضا تسير بجانب شاحنة أخرى ولسان حالها يقول «من يخالف أكثر». وفي المشهد نفسه، كانت ثمة سيارات صغيرة من فئة «الصندوق» محملة بالخردوات والسلع التي تحملها على القاطرة دون تأمينها وجابت بعض الطرق الرئيسية حيث كانت وجهتنا الأولى باتجاه طريق الحرمين الذي بات مرتعا خصبا للشاحنات التي تخالف في طريقة تحميل البضائع والخردوات. والتقطت عدسة «عكاظ» شاحنة محملة بأسلاك وقطع كيابل كهربائية حيث لوحظ هروب السائقين الذين كانوا يسيرون خلفها وذلك بسبب تطاير مجموعة من الأسلاك أثناء سير الشاحنة على طريق الحرمين، ولايزال مسلسل إهمال تحميل البضائع مستمرا ولكن هذه المرة كان من العيار الثقيل. ورصدت العدسة شاحنة نقل بضائع عادية تضرب بتعليمات المرور عرض الحائط بنقلها لحافلة من فئة 38 راكبا يظهر عليها أنها تعطلت، وكان السائق يسرع وعلى متن الشاحنة الحافلة المتعطلة وكان يجوب بها خط الحرمين من كوبري الملك عبدالله حتى غير مساره إلى جهة جسر الميناء في جنوبجدة. وأوضح محمد المنتشري أن هناك مخالفات بالجملة نشاهدها على طرق جدة السريعة والفرعية وتشكل خطرا كبيرا على مستخدمي الطرق الآخرين. وأضاف بقوله «من المعروف أن نقل السيارات المتعطلة يتم عن طريق سيارات خاصة لها رافعة خاصة (ونش) بحيث تتحكم بها أثناء سيرها في الطرقات فضلا عن أنها تكون آمنة». ومن جانبه، أوضح طارق الشيخي (طالب جامعي) أنه يستخدم طريق الحرمين يوميا، وقال إن مخالفات الشاحنات في طرق جدة أصبحت منتشرة وبصورة مخيفة، ولم يقتصر الأمر على هذا فحسب بل بات الأمر شيئا عاديا بالنسبة لسائقي الشاحنات. ويضيف الشيخي أن المخالفات تهون مقابل صهاريج الغاز والتي باتت تسرح في طرقنا الرئيسية بشكل علني وبدون تنظيم خطة سير لها، خصوصا بعد كارثة الشاحنة التي انفجرت في الرياض والذي أصبح الجميع يتوجس منها ويحاول الهروب عنها بكل وسيلة. وأضاف أن مثل هذه المخالفات تعتبر وسيلة لوقوع الكوارث خاصة من بعض الشاحنات التي تحمل على متنها بضائع الخردوات سواء حديد أو غيره. ومن جانبه، أوضح السائق سعيد أبو المجد أن الأمر لا يتوقف عند حد الشاحنات التي تحمل معدات ثقيلة فحسب موضحا أنه سبق أن شاهد سيناريو لشاحنة تحمل أقمشة ستائر وحدث أن تهاوت الشاحنة على الطريق بصورة عشوائية وتناثرت الأمر الذي سبب ربكة في الخط السريع وهروب البعض عنها خوفا على مركباتهم، واتضح فيما بعد أن السائق لم يقم بربط بضاعته جيدا الأمر الذي أدى إلى سقوطها من على متن الشاحنة. استمرت جولة «عكاظ» لرصد المخالفات، وهذه المرة كانت الوجهة شمال جدة باتجاه طريق الأمير ماجد «السبيعين» حيث وجدنا مركبة من نوع «دباب» محملة بخردوات وقد توقفت في منتصف الخط وذلك بسبب أن البضائع بدأت في السقوط جراء توثيقها بحبال بدائية، وهو ما سبب ربكة مرورية في طريق الأمير ماجد، ولم نبتعد عن نفس الطريق حتى رصدنا مركبة أخرى محملة بأكياس كثيرة من الخبر الجاف والتي كانت تسير ببطء وذلك بسبب كثرة الأحمال عليها. وفي نفس السياق، يتحدث مروان كردي أن مثل هذه المخالفة تعد جريمة في بعض الدول المتقدمة، حيث تصل في بعض الأحيان إلى مصادرة الشاحنة من صاحبها، وطي قيد السائق، إذ إن مشهد البضاعة أو الخردوات مكشوفة وغير محكمة التربيط أمر مخالف لأبسط قواعد المرور والسير. ويزيد كردي أن هناك شاحنات تقوم بنقل خرسانة البناء والحصى الصغير وخلال سيرها فإن الحصى يتساقط على السائقين الآخرين، وطالب مروان بأن يكون هناك مسار خاص للشاحنات عموما أو استحداث خطة سير تمنع حدوث الكوارث التي لا يحمد عقباها، بالإضافة إلى معالجة وضع ناقلات الغاز التي أصبحت مصدر خطر خصوصا وأن كارثة شاحنة الغاز في الرياض لايزال صداها في الذاكرة. وتساءل مروان في نفس الوقت عن غياب الأنظمة عن مثل هؤلاء السائقين الذي يتضح في نهاية الأمر بأنه لا يفقه شيئا منها، وقال «لماذا لا يتم وضع دروس تتعلق بالأنظمة واللوائح المخالفة لمثل هؤلاء السائقين، أو توعيتهم عن طريق رسائل الجوال بالأنظمة المتبعة في طرق السير، بالإضافة إلى تفعيل دور العقوبة والمخالفة والتي ستحد من هذه الظاهرة بشكل كبير. بند الغرامات يشار إلى أن لوائح وقوانين المرور تتضمن أن الشاحنات التي تتجاوز الوزن الإجمالي يتم توقيع غرامة عليها بواقع 300 ريال عن كل عشر زائد، كما أن هناك غرامة 1000 ريال عن كل الأبعاد في الشاحنة وإذا تكررت هذه المخالفة من السائق يتم تحويله إلى المحكمة لاتخاذ الإجراء اللازم ضده، بالإضافة إلى أن الشاحنة التي تحمل بضاعة لا تقبل التجزئة توقف رحلتها على الفور وتفرغها في شاحنة أخرى، ولا تتحمل وزراة النقل والجهات الأمنية مسؤولية حراسة البضاعة.