أكد عدد من الأدباء أن الأندية الأدبية بحاجة ماسة إلى تحقيق الاستقلالية الكاملة في عملها، كونها مؤسسات ثقافية ذات شخصيات اعتبارية مستقلة هدفها خدمة الأدب والثقافة كما جاء في لائحتها التنفيذية، مشيرين إلى أن تغيير مسميات الجهات الإشرافية على الأندية ليس مهما بقدر أهمية تحقيق مبدأ الاستقلالية التي تمنحها القدرة على العمل في فضاء أرحب يمكنها من تفعيل المشهد الأدبي وخدمة الثقافة في المملكة. وقالوا في استطلاع ل«عكاظ» أجرته حول الفكرة التي طرحتها وزارة الثقافة والإعلام والمتعلقة بإنشاء «مجلس للأندية الأدبية»، في الوزارة، إنه قد آن الأوان لتكون الأندية الأدبية مستقلة في عملها وفقا لما تنص عليه لائحتها الأساسية. بداية قال عبد المحسن القحطاني الباحث والأكاديمي: «من شأن هذا التوجه إعطاء زيادة استقلالية للأندية الأدبية ومساحة من حرية التصرف عبر اللائحة المعمول بها أو اللائحة الجديدة لأن الأندية هي ذات استقلالية ودائما تلقى من مدير عام الأندية كل المساعدة لأن اللائحة تأخذ استقلالية كاملة فمن غير شك ان اقتراح وزارة الثقافة هو اقتراح تفاعلي ينبئ بما سيحدث للأندية الأدبية من استقلالية تامة. ضمير المجتمع أما الشاعرة بديعة كشغري فقالت: «آن الأوان أن يكون للأندية الأدبية كيان مستقل، ذلك أن الأندية مؤسسات ذات شخصية اعتبارية مهمتها العناية بالثقافة والأدب بالدرجة الأولى مادام قد طبق نظام الانتخابات منذ عام وهذا بحد ذاته أعطاها نوعا من الاستقلالية لكن الأدباء يتطلعون إلى استقلالية أكثر وفعل ثقافي وأدبي له انعكاساته الإيجابية على المشهد الثقافي برمته كون الأدباء والمثقفين هم عقل وضمير المجتمع ونأمل أن لا يتحجج بعد اليوم رؤساء النوادي بضغوط الوزارة من أجل تطوير عملها خصوصاً تطوير حركة النشر. انحصار الدعم في حين قال القاص عمر طاهر زيلع .. الفرق بين الوضع الحالي والوضع المزمع اتخاذه هو أن الكرة ستعود إلى الأدباء أنفسهم بحيث ستكون إدارتهم للأندية ذاتية، وسيضعف بالتالي الاحتجاج بتقصير إدارة الأندية الأدبية ورغم أن الأدباء اشتركوا بأنفسهم في صياغة اللائحة الموجودة حالياً و وصارت مثار جدل كبير قام ولم يقعد حتى الآن، إلا أننا نتفاءل بأن الأعضاء الذين سيتكون منهم المجلس المتوقع قد استفادوا من هذه التجربة مما يدفعهم إلى العمل بإخلاص وموضوعية لإدارة الأندية الأدبية إدارة اعتبارية، ولكني افهم من هذا التوجه في حالة تحقق على أرض الواقع وربما أكون مخطئاً أن وضع الأندية سيتأثر مالياً إذا انحصر الدعم المتوافر الآن، حيث إن الأندية الأدبية ستكون مسؤولة عن تأمين ما يغطي أنشطتها بالعودة إلى الاشتراكات والرسوم المقررة على الأعضاء كما هو في اللائحة القديمة والتي لم تفعل في هذا المجال. وفي ذات السياق قال الشاعر ابراهيم طالع الألمعي إن انشاء المجلس يمكن ان يفيد اذا كان فعلا يمثل الاندية الادبية على ان يكون رئيس المجلس بعيدا فعلا عن العمل الإداري في الوزارة اما اذا كان سيغير المسمى ويبقى الجوهر ان ارئيس المجلس احد موظفي وزارة الثقافة فسيكون التغيير لا جوهريا. بدورها قالت الروائية زينب البحراني: «لا شك أن كل قرار جديد وجاد في الساحة الأدبية السعودية هو بمثابة تحريك لبحيرة المياه الراكدة «إلى حد ما» على صعيدها المؤسساتي في هذه الساحة التي تحتاج إلى نشاط مستمر وتغيرات جذرية تبعث على التفاؤل». وأضافت قائلة إنه قد يكون من الصعب إبداء رأي إزاء الإيجابيات والسلبيات التي قد تعود بها هذه التجربة على الأدب والأدباء في المملكة قبل خوضها فعليا والوقوف بكل ثقة أمام الجديد، لكن كل ما نرجوه هو أن يكون مثل هذا الخبر بادرة من بوادر التقدم والنهوض بمستقبل المشهد الثقافي ورعايته وعلى رأس ذلك الالتفات إلى حقوق الأديب السعودي وحمايتها. تغيير وأشار عبد الرحمن العكيمي نائب رئيس نادي تبوك الأدبي إلى أن المراقب للخطوات الأخيرة من قبل وزارة الثقافة والإعلام يدرك وجود الرغبة الصادقة في التغيير للأفضل وأرى أن تحويل إدارة الأندية الأدبية إلى مجلس وتحويل مسمى ومهام مدير عام الأندية الأدبية إلى أمين عام للأندية يمثل خطوة للأمام يجب أن ننظر إليها بتفاؤل كبير بعيدا عن البيروقراطية السابقة والتي بسببها عانت الأندية كثيرا خصوصا خلال السنتين الاخيرتين، واضاف العكيمي: «ان تحويل إدارة الأندية الى مجلس هو نقلها من واقع تقليدي يسيطر فيه الرأي الأوحد إلى مجلس يصنع بداخله القرار ويتم تداوله للنقاش أي أنه عمل مؤسسة حيوية متجددة وبالتالي سينعكس دون شك على الأندية الأدبية ولعلي هنا أشيد بالدور الطليعي الذي يقوم به الناقد الأستاذ حسين بافقيه في الارتقاء بالعمل الثقافي في الاندية الادبية وفي مشهدنا الثقافي. فاتحة خير وعلى ذات المنوال قال الشاعر عبد الله بيلا: «على المثقفين تشجيع كل قرار أو اقتراح يمكن أن يكون فاتحة خير على الثقافة والأدب بشكلٍ عام، خاصة في ظل التخبطات الإدارية التي عانتها الكثير من الأندية الأدبية، والتي أدّت إلى تعطيل العمل الإبداعي والثقافي في تلك الأندية. واضاف أن ما طرحته اللائحة الجديدة للأندية الأدبية حول إنشاء مجلسٍ عام للأندية يترأسه شخصية لها كل التقدير والاحترام في الحقل الأدبي والإبداعي سيؤدي إلى تنشيط الأندية الأدبية بشكل عام ومحاولة الاستقلال بها في فضاءٍ خاص بعيداً عن القيود الرسمية التي لا يمكن للعمل الأدبي من خلالها أن يؤتي ثماره مهما كانت المغريات والحوافز. ويرى حسن الزهراني رئيس النادي الأدبي في الباحة أن هذا القرار يدل على وعي الوزير «خوجة» ورقي تفكيره حيث ستصبح للأندية لأدبية استقلالية تامة عن الوزارة وهذا ما سيسهل عمل الأندية خصوصا أن أعضاء المجلس سيكونون من رؤساء الأندية وأعضاء الجمعيات العمومية بمعنى أن هناك مرونة في العمل وسرعة في التنفيذ كما سيتوفر لها مساحة أرحب للتجديد، لافتا إلى أن مسمى أمين عام مجلس الأندية الأدبية أرقى بكثير من مدير عام الأندية. من جهته قال الشاعر أحمد الحربي إن الرؤية حتى الآن لا تبدو واضحة المعالم حول مجلس الأندية الأدبية وما هي مهامه، وهل سيكتفي بأمين عام للمجلس أم سيضاف إليه عدد من الأعضاء من مناطق المملكة ممثلين لأنديتهم للتواصل الإداري مع جميع الأندية الأدبية. وأضاف «سبق وأن طالبنا بإلغاء إدارة الأندية الأدبية لعدم جدواها، وساء استخدام صلاحيات هذه الإدارة مع المدير السابق لها الذي حاول تكريس هيمنة الوزارة على الأندية وهذا مخالف للوائح المعمول بها منذ نشأة الأندية الأدبية التي جاءت بناء على مطالبات أهلية وليست حكومية وتطلعاتنا أن تكون الأندية الأدبية تعمل ضمن مجموعة المجتمع المدني وتكتفي وزارة الثقافة بالاشراف فقط اعتقد أن تغيير المسمى لن يفيد شيئا إذا لم تتغير العقليات التي تدير هذه الإدارة سواء إدارة الأندية أو مجلس الأندية. تلاعب لفظي إلى ذلك أكد الشاعر والناقد الدكتور يوسف العارف أن إنشاء مجلس للأندية الأدبية وإلغاء الإدارة من الوزارة وتغير مسمى مدير الأندية الأدبية إلى (أمين عام) مجرد أمور وصور شكلية لا تخدم القضايا الأدبية العالقة فأيا كانت إدارة أو مجلساً، مديراً أو أميناً هي كلها تلاعب لفظي لحقيقة واحدة وهي أن هناك جهازا إشرافيا وسيطا بين الأندية الأدبية والوزارة !! وطالما أن الوزارة تدعم الأندية وتقدم لها إعانات مالية وتطالب بالسداد والمحاسبة فلا بد من وجود الإدارة المشرفة أياً كانت إدارة أو أمانة وغير ذلك، وهذا لا يغير من الأمر شيئا. والذي أراه أن الأندية كيانات مستقلة ويجب أن تظل كذلك لندخل بها إلى مجال مؤسسات المجتمع المدني الثقافية واحتكامها الإداري ينبع من دور الجمعيات العمومية التي يجب أن تمثل الثقل السلطوي والمرجعية الأم لكل تجليات النوادي الأدبية وفعالياتها. وخلص العارف إلى أن العلاقة مع الوزارة يجب الاكتفاء بوجود وكالة الوزارة للشؤون الثقافية كسلفة داعمة ومحفزة ماليا ومعنويا لهذه الأندية الأدبية، لافتا إلى أن مشكلة الأندية الأدبية أو بعضها هي في تعدد المراجع.