تتغير معالم الحياة عند قدوم موسم الصيف الذي يشتهر بارتفاع درجات الحرارة في المناطق الساحلية والداخلية، بالإضافة إلى هبوب الرياح التي تطمس الحياة في تلك المناطق، ما يجبر الأهالي على هجرة منازلهم للبحث عن أماكن آمنة تقيهم من أخطار الغبار. عدد من الأهالي أوضح ل«عكاظ» أنهم يحزمون حقائبهم باتجاه الأماكن الأكثر أمانا -على حد تعبيرهم- حيث أشار علي عسيري إلى أنه يهرب وأسرته في وقت الصيف من قريتهم التي تتعرض لهجوم قوي من الغبار فيغير معالم القرية ويسبب الكثير من الأمراض، حيث يفضل دائما في هذا الوقت الاتجاه إلى المناطق المرتفعة في عسير لقضاء إجازة الصيف في أجواء معتدلة وعلى رغم من أنها تستنزف ميزانية كبيرة إلا أنه يضطر لذلك حفاظا على صحة أسرته. ويقول عبدالله الشاعري إن الحياة في قريتهم عتود تتغير بسبب هذه الرياح، حيث يتحول الليل إلى نهار، والعكس، ما يضطرهم للهرب من هذه الأجواء السيئة، مضيفا: «أما المقتدرون فإنهم ينتقلون إلى المدن البعيدة عن هذه الرياح، حيث يعودون مع بداية المدارس أي بعد انتهاء موجة الغبار». واعترف الشاعري بأن كثيرا من العادات الاجتماعية تختفي في هذه الفترة بسبب بقاء الأسر في منازلها باستمرار، فالزيارات واللقاءات تكاد تنعدم، حتى أن أصحاب المعاملات الحكومية يفضلون تأجيلها إلى نهاية موسم الغبرة، إلا أنه استدرك مؤكدا أن اللصوص ينشطون خلال هذه الفترة لغياب أصحاب المنازل عنها. ووصف العم يحيى القاسمي الحياة الماضية بأنها الأفضل لأصحابها معللا ذلك بأن موسم الغبار يعتبر الأفضل لهم، مضيفا: «عندما تبدأ مقدمات موسم الغبرة كنا ننتظر وقت محدد لنعرف مصير هذا الوقت. فإما تزبر أو تفجر، فالزبور يقصد به موسم الغبرة، أما الفجر فيقصد به موسم المطر»، كما يصف القاسمي الحياة السابقة بأنها جميلة إذ كانوا يتحملون مشاقها، ويعتبرون موسم الغبرة موسم لتلطيف الأجواء من الحرارة، خاصة وأنهم كانوا يعيشون بلا مكيفات، في عشش بناؤها يناسب الأجواء. ويبين يوسف الحامد أن قريته «الجبلين» تصبح جبالا من الرمال تصل لأسطح المنازل بسبب الرياح القوية، وعند عودتهم إلى منازلهم تبدأ معاناة جديدة مع هذه الرمال التي تقتحم بيوتهم، حيث يضطرون لاستئجار شيوالات لإزاحة الرمال عن المنازل وفتح الطرق الخاصة، لافتا إلى أن المجمع القروي يرفض الاستجابة لمطالبهم. من جهته، أوضح رئيس بلدية الشقيق عبدالعزيز الشعبي أن آليات المجمع جاهزة في أي وقت لخدمة المواطنين، وخاصة في القرى، حيث يتم تكليف فريق عمل لمواجهة مثل هذه الظروف. وعلى عكس ما يحدث في الحياة الاجتماعية إلا أن المراكز الصحية والمستشفيات تشهد إقبالا كبيرا من المرضى أو ممن يعانون من آثار هذا الغبار، ووفقا لمدير مستشفى الدرب العام علي محمد أبو شقارة فإن المستشفى يستقبل ما بين 30 و50 حالة من المرضى الذين يعانون من هذا الغبار وخاصة مرضى الربو أو الحساسية، مشيرا إلى أن الاستعدادات لهذا الموسم تكون على أعلى مستوياتها خاصة وأن المستشفى يقع في منطقة تشهد كثافة كبيرة من الأتربة التي تتسبب في حوادث بسبب تدني الرؤية. وأضاف أبو شقارة: «وتعالج أزمات الربو التنفسية في المراكز الصحية عن طريق استنشاق الأدوية الموسعة للشعب الهوائية»، مضيفا: «نكون على استعداد لتلك التغيرات الطقسية حيث تتم زيادة الأدوية الخاصة بالحساسية والربو، كما أن الهيئة التمريضية تكون على أهبة الاستعداد، حيث يتم استقبال المرضى وإعطاؤهم الأدوية وإخضاعهم للملاحظة». وبين أبو شقارة أن هناك أعراضا أخرى للحساسية وهي الحكة سواء في العين أو الأنف والجلد يتم إعطاء المريض أدوية علاجية خاصة بها، مشيرا إلى أن هناك 12 سريرا للرجال ومثلها للنساء في قسم الحوادث. فيما أوضح أخصائي العيون بالمستشفى الدكتور أسامة المالم أنه عند التعرض للأتربة الناعمة يصاب البعض من الناس بحساسية العين وأيام الغبار الشديد يتردد على المراكز الصحية كثير من المراجعين الذين يشكون من حساسية العين. وعلاج الحساسية التي تصيب العين بفعل الأتربة الناعمة بالطبع إذا أمكن تجنب رياح الغبار والأتربة الناعمة التي تعتبر المهيج للحساسية وإن كان ذلك مفيدا رغم صعوبته.