أثبتت بعض السيدات في المدينةالمنورة أن عدم الحصول على شهادة عليا ومعوقات الظروف الاجتماعية لا تقف عائقا أمام تقدمهن ونجاحهن، وذلك بابتكار أفكار باهرة، وضعتهن في مصاف العاملات من منازلهن وكسب لقمة العيش بطريقة مبتكرة. فمن الملوخية الناشفة إلى المعمول مرورا بالمعجنات والمخللات والعمل في تفصيل الملابس فإن هناك الكثير من النساء استطعن شق طريقهن وكسب لقمة العيش من منازلهن. وأجمعت عدد من النساء في المدينةالمنورة أن فكرة الإنتاج من المنزل وتحمل مسؤولية الأسرة ربما تكون صعبة في البداية ولكن بمرور السنوات فإن الأمر يصبح عاديا وأن المرأة المنتجة تجد نفسها في خضم حراك لا يمكنها التخلي عنه. «عكاظ» لبست قفازات الشفافية والتقت بمجموعة من السيدات اللواتي حولن الفشل إلى نجاح مضيء وعلمتهن التجارب أن الشهادة ليست وحدها من تكتب وصفة النجاح في الحياة، مؤكدات أن العمل المتواصل منحهن تذكرة العصامية وجعلهن يبرعن في مجال الأعمال دون أن تكون الواحدة حاصلة على شهادة جامعية أو مساعدة مالية من أحد. في البداية أوضحت إحداهن أنها بدأت تجارتها الصغيرة بالملوخية الناشفة وقالت في هذا الصدد: «توفي زوجي وترك لي ابنة صغيرة لا يوجد لها عائل بعد الله سواي ولتأمين حياة كريمة لها اتجهت إلى بيع الملوخية الناشفة وذلك بشراء الملوخية الخضراء وتنشيفها وطحنها ووضعها بقوارير زجاجية خاصة بها ووجدت إقبالا كبيرا من السيدات عليها فخطرت ببالي فكرة أخرى تتمثل في صناعة المعمول بطريقة (مدينية) مختلفة ومميزة ووجدت أيضا إقبالا كبيرا عليها، فقررت أن أتنوع في تجارتي الصغيرة فأصبحت أقوم بصناعة المأكولات التي ترغب بها السيدات ويصعب عملها في المنزل لأنها تأخذ وقت طويل وتعب في صناعتها. وتضيف أم أيمن بمرور الزمن توسعت تجارتي وأصبحت أقوم بأعداد ورق العنب والكبة السورية والحلويات ووجدت أيضا إقبالا من السيدات حتى استقدمت عاملتين في منزلي لمساعدتي في صنع المأكولات والأمر الذي زاد من ثقة النساء وإقبالهن على مأكولاتي النظافة والطعم اللذيذ وتسبيكة الطعام وإتقانه. والحمد لله استطعت بعد خمسة عشرة عاما من النضال والعمل في صناعة المأكولات أن اشتريت منزلا فخما بدل المنزل الإيجار الذي كنت أسكن به أنا وابنتي واشتريت سيارة وأحضرت سائقا ولم أعد قادرة على تلبية جميع الطلبات إلا بحجز مسبق، مع العلم أنني لا أحمل سوى الشهادة الابتدائية إلا أنني تمكنت من النجاح لأني لم أستسلم لليأس بعد وفاة زوجي. أما فاطمة عبدالعزيز والتي بدأت تجارتها بالمخللات فتقول: لم أتمكن من إكمال دراستي حتى أستطيع الحصول على عمل لمساعدة زوجي في المصاريف وكنت أعمل المخللات في منزلي وعندما يتذوقها الأهل والجيران يعجبون بطعمها ويطلبون مني أن أقوم بعملها لهم مقابل مبلغ معين من المال ونصحوني بأن أستثمر براعتي في صنع المخللات بأن أصنع منها العديد وأقوم ببيعها وفعلا قررت أن آخذ بنصيحتهم، وعكفت على صناعة المخللات وبيعها على المقربين وقام ابني بفتح بسطه صغيرة يعرض بها المخللات لبيعها، بعد ذلك تعاقدت مع أحد التجار بتصنيع المخللات وبيعها له وبذلك توسعت تجارتي وتحسن وضعنا المادي واستطعنا أن نشتري منزلا بعد أن كنا نسكن بشقة متهالكة. وتتحدث صالحة نصير مطلقة ولديها طفلان بقولها: اتجهت بعد طلاقي إلى المشاركة في البازارات المقامة بالمعارض حتى اكتسبت خبرة جيدة في السوق ومتطلباته فقررت أن أتجه إلى التجارة في المأكولات واستأجرت كفتريا في أحد المدارس لبيع الوجبات والمأكولات والعصائر وقد نجحت فكرتي وتطورت وتطور معها وضعي المادي للأفضل. أما حنان فزوجها من دفعها للدخول إلى مجال التجارة وذلك بإعطائها مبلغا من المال حتى تقوم بفتح محل في أحد الأماكن النسائية لتبيع به المستلزمات النسائية وتشغل نفسها وتستفيد من وقتها. أما ابتهال علي فبعد طلاقها استطاعت أن تبرع في مجال التجميل وتسريحات الشعر فلم يكن لديها سوى غرفتين تعيش فيها هي وابنتها وخصصت إحدى الغرفتين لعمل الماكياج لزبوناتها أو الذهاب إلى منازلهن لعمل الماكياج لهن وظلت على هذا الحال حتى استطاعت أن تفتتح صالونا نسائيا يضم كل تخصصات التجميل والخياطة، وأصبحت من سيدات الأعمال اللاتي يسافرن إلى الخارج من أجل البحث عن آخر خطوط الموضة والجمال، واستطاعت أن تجد الزوج المناسب لها والذي يطلب ودها بسبب ما وصلت إليه من نجاح بعد أن كانت تعيش في غرفتين بمنزل قديم أصبحت تسكن في فيلا كبيرة وذلك بفضل العزيمة والإصرار على تحويل الفشل إلى نجاح. ومن جانبها، أوضحت عيدة الحسني أنها منذ الصغر كانت تهوى الطبخ وحينما تخرجت من الثانوية العامة وجدت نفسها جالسة بين أربعة جدران ففكرت في استغلال موهبتها في الطبخ، وبدأت تشارك في المهرجانات السنوية والبازارات بإعداد المعمول والحلويات، وخلال فترة قياسية أصبحت لها شهرة واسعة في صناعة المعمول وخاصة معمول التمر . وأضافت أن الشهادة الدراسية ليست كل شيء وأن المرأة يمكنها أن تروض الظروف وتنجح في حياتها بالإصرار والعمل من المنزل. من جهتها، أوضحت الأخصائية الاجتماعية في المدينةالمنورة ناريمان الحربي بقولها: تختلف الشخصيات والقدرات من إنسان لآخر فهناك من يحول فشله إلى نجاح وهناك من يكون ناجحا وفي أول حالة فشل تعترضه يتوقف عن العمل ويصاب بالإحباط، أما اللاتي حولن حياتهن إلى نجاح بعد الطلاق أو موت الزوج أو عدم إكمال دراستهن فهن مثال رائع للعزيمة القوية التي تحول الفشل أو الإخفاق في شيء ما في حياة الإنسان إلى نجاح. ولا يأتي النجاح إلا بالعمل والتفاؤل والنظرة المستقبلية الجميلة لحياة الإنسان فالمتشائمين الخائفين من خوض التجارب هم من يخفقون في حياتهم ولا يحققون أي نجاحات. فالمرأة التي تعمل بيدها والتي استطاعت أن تحقق نجاحا مقابل فشل هي امرأة واعية مدركة أن الحياة لا تتوقف عند أشخاص أو مواقف. وتشير الإحصائيات أن هناك جهات أصبحت الآن تساعد المرأة وتدعهما ماديا واستشاريا في كيفية فتح مشاريع صغيرة تحقق لها الدخل المادي الذي يغنيها عن سؤال الناس لذلك على النساء ألا يصبن باليأس والإحباط وأن يخضن تجارب تجعل منهن سيدات أعمال ناجحات في العمل أو إكمال دراستهن ليحصلن على مبتغاهن.