لم تفارق خلافات نادي جازن الأدبي اهتمامات الشاعرين أحمد الحربي وأحمد السيد عطيف في أمسياتهما الشعرية، حيث اتفقا على أن الاختلاف الحاصل مع مجلس إدارة النادي هو ضرورة ملحة استوجبها الموقف ولا مفر منها من أجل ثقافة المنطقة. وقال الحربي في اثنينيه الزاهر: «أتينا لنقدم الشعر، ولكن لا يعفينا ذلك من مناقشة هم النادي»، فيما ذكر عطيف أن «الصمت على الوضع يعد مشاركة في تفاقمه؛ لأن الصمت لا يكون فضيلة في مثل هذه الحالات»، معتبرا مطالبة أصحاب الصالونات الأدبية بإقامة أنشطتها الثقافية تحت مظلة النادي خطوة قاتلة للإبداع ودفنا للمواهب. وألقى الحربي ثلاث قصائد هي «انقسام»، «لا تهمليني»، و«غدا يثور الجمر»، فيما قدم عطيف بدوره ثلاث قصائد هي: «الهوى جنوبي»، «دعد»، و«عباءات». وفي قراءته النقدية للقصائد، اعتبر الناقد الأدبي جبريل السبعي أن عطيف وصف الأنثى بالطهر والقداسة وبعد المنال، ولكن في الجانب الآخر كان هذا الوصف يتحدث عن غواية تلك الأنثى وعن طلبها اللذة في أقصى حدودها، ولا ضير في ذلك، فالشعر إنما هو وصف للمشاعر والأشياء في تناقضها وتطرفها وفي لحظة تنسكها وغوايتها أيضا. وفي سياق متصل، رأى السبعي عن الحربي أن الملمح المهم في شعره هو ذلك القلق الرهيب من المجهول الذي يخبئه المستقبل، فعلاقة الشاعر بالانثى علاقة متوترة، فلا القرب يطفئ من نيران شوقه، ولا البعد، ذلك أن الشاعر لا يفكر في الآن، أي في لحظة اللقاء فقط، وإنما في غد، أي في لحظة الفراق أيضا حين تذبل الزهور ويثور الجمر في اللغة، هذه المسرة، وهذه الحسرة في آن واحد هي ما يوقد جمرة الشعر لدى الحربي، وهي المحرض على تردده بين عدد من المتناقضات.