الاستعدادات التي شهدها طرح احدث البومات فنان العرب محمد عبده «اعلنت عليك الحب» والذي صافح به محمد عبده جمهوره وجماهير الاغنية بشكل عام الاسبوع الفائت ، كانت بحق تتوازى مع القيمة الفنية للطرح الذي بلغ تسع اغنيات تنوعت في مضمونها وفي الاشكال الموسيقية حيث جاءت اشبه بالرؤى الموسيقية ، الاشبه بالفلسفة في التناول ، حيث تجد نفسك كمتلق امام رؤى موسيقية مختلفة وليس امام الحان مباشرة ، الحال هنا كما لاعب الوسط الخفي في كرة القدم والذي يعنى بلعب ادوار عظيمة ولكنها في الغالب غير واضحة الملامح مثل الادوار التي ينفذها في الوسط فهد الهريفي وكريري وخالد التيماوي وخميس العويران وخالد التركي «نصراوي السبعينيات الميلادية» وغيرهم. الحان هذا الالبوم او رؤاه ان صح التعبير كانت عصرية جدا انتقل فيها او بها الملحن «طلال» بمحمد عبده الى مرحلة جديدة ومختلفة ، لذا ان السؤال المعتاد والسريع دوما «ايش رايك بالبوم محمد عبده الجديد؟» لا يحتمل اجابة سريعة كما هي العادة ثم ان الاجابة لا يمكن تقبلها من أي كان !.. لذا يتوجب علينا ان نعلم اولا اننا امام تجربة جديدة لمحمد عبده نستوعبها نستمع اليها جيدا ، نفهمها فنجيب بعد ذلك على السؤال المعتاد طرحه بعد التعامل السريع مع الالبوم ، ومن الملفت ان حضور الملحن «طلال» هذه المرة كان يطل من بوابات مختلفة «ربما خشية الحسد .. وابعاد العين» فمرة هو يقدم لك رؤية من فن موسيقى وتراث فن «الصوت» الخليجي. ومرة هو «كما هو الحال في اغنية واحدة بواحدة» يأتيك من اعماق السلم الخماسي والاجواء المتشابهة والمتباينة في افريقيا والهند مثلا والمتعاملين مع الآذان بالسلم الخماسي النوتة كطعم بينما المقام الاساسي كان «الجهاركاه» الذي هو في اصله مقام «المادجير» الغربي الذي طعمه الموسيقيون العرب والمشرقيون ليسمى المادجير ، بينما كان الايقاع في الاغنية جنوبيا من ايقاعات عسير من كلمات المتجدد دوما الشاعر خالد المريخي: واحدة بواحدة وانت ياظالم بديت نحن كدة حلوين والبادي اظلم معقولة تجرحني وانت مادريت ولا تحس بحالتي ولا تألم والتي يظهر فيها محمد عبده لأول مرة مقدما السلم الخماسي في اطروحاته الرسمية ، وهي التجربة التي سبق ان خاضها استاذه الراحل طلال مداح قبلا في اغنية «هل تذكر يا اسمر ما كان عنا ينشر»، كذلك في اغنية «ياحلوة شيلي اللثام عن الشفاه العسل .. ياجاهلة في الغرام كفاية صد وخجل لأ لأ لأ لأ» والتي شدا فيها طلال مداح بالانجليزية في نفس النص ، ومؤخرا راشد الماجد في البومه الجديد المتضمن اغنية خماسية السلم في شكل يبدو وانه تصالح معنا نحن ابناء الجزيرة والسلم السباعي مع اخواننا ذوي الآذان الخماسية. ومن شؤون الابداع في الالبوم تعامل الملحن مع اخر اغنيات الالبوم ترتيبا «شكينا لك» التي قدمها وصاغها بجمال عتيق حديث من مقام «سيكا» وايقاع الصوت الخليجي الموروث ليربط الملحن الامس باليوم في الالبوم ، والاغنية من كلمات سعد الحميد وتقول: شكينا لك وقلنا لك وانت شايف حالك حلفنا لك ومع ذلك ماجينا على بالك احنا الشوق ذابحنا وانت الشوق ماجالك وفي اغنية «حس طار» استخدم الملحن مقام «عجم» المطعم بالمحلي وهي من كلمات القدير في عالم الاغنية الكويتية والخليجية مبارك الحديبي ويقول مطلعها: حس طار يرن .. تالي الليل يرنع سمعت اللي يغني بالمعاني ويسجع و«يرنع» هنا تعني بلهجة اهل الخليج العامية التي سبر اغوارها الشاعر كثيرا – يلعب او يضرب «يرنعه بطراق» أي يضربه بالكف. الطعم المختلف في المجموعة يجعل شعور ان الالحان لملحنين كثر غاية في الابداع وليس «طلال» فقط كي ننأى بانفسنا كنقاد وكمستمعين من ايجاد السؤال الحائر دونما اجابة: لماذا ملحن واحد واين التغيير في المود والطعم وهكذا اسئلة. اما الاغنية الواجهة للالبوم فهي ذلك النص الذي سبق ان تعامل معه الموسيقار يوسف المهنا لصالح صوت محمد عمر قبل نصف قرن ويقدمه الان محمد عبده برؤية موسيقية جدا رائعة للملحن طلال فيها الكثير من الرهافة والاحاسيس الجديدة غير المباشرة ، بمعنى ان البعض سوف لن يستوعبه او يعجب به الا بعد فترة طويلة من التعامل مع اللحن سيما اولئك الذين تعاملوا مع اللحن الاول ليوسف المهنا والذي ربما صعب عليهم نسيانه والنص كما هم معروف للراحل الكبير فائق عبدالجليل: بقولها الليلة .. واهدم جدار الخوف بيني وبينها عدى علي الوقت بين انتظار وصمت بعلن عليها الحب واسمع ردها يالطيف الطف علي بردها كما قدم عبده والملحن طلال أيضاً (كلام القلب) التي تجدد العلاقة الفنية بين فنان العرب والشاعر إبراهيم خفاجي وهي من مقام (البيات) ويقول مطلعها: كلام القلب دقاته عجايب ونطق العين في النظرات ذايب وتعامل المخرجان يعقوب يوسف المهنا واحمد الدوغجي مع هذا الجديد باعين فيديو كليب جديدة بدأ اطلاقها الاسبوع الماضي في الفضائيات ، ومن الاغنيات الاخرى في الالبوم «شقائق النعمان ، حاولت ، اموت واعرف ، كلام القلب ، نجم عالي».