منذ 30 عاماً يتعايش أهالي شارع بن لادن وسكان بني مالك وأصحاب البنايات في المنطقة الصناعية شمالي جدة مع الورش التي أصبحت جزءا من حياتهم، ينامون ويستيقظون على طرق الحديد ورائحة الدهان ونشارة الخشب. وأجمع الأهالي أن الورش تنشر الأمراض والأوبئة ناهيك عن ما تنشره من أمراض وأوبئة لسكان الأحياء. وأضافوا أن أصواتهم بحت بضرورة نقل الورش إلى مواقع أخرى ولكن لا حياة لمن تنادي، مؤكدين انهم يعيشون تحت رحمة مطرقة وإزعاج الورش ولم يتلقوا ردة فعل واحدة تنهي ولو جزءا بسيطا من معاناتهم، فثلاثون عاماً أو ربما أكثر هي عمر هذه الورش الصناعية التي تواجدت في جدة قبيل التوسع الكبير والهائل الذي طرأ على عروس البحر الأحمر خاصة في العشرين عاماً الماضية. «عكاظ» تجولت على بعض من هذه الأحياء لترصد عدستها معاناة المجاورين للورش الذين أجمعوا على ضرورة تنفيذ قرار نقل الورش إلى خارج هذه الأحياء. وفي هذا السياق قال خالد صالح (22 عاماً) من سكان شارع بن لادن «منذ أن وطئت قدماي الحياة وأنا أسكن وسط إزعاج الورش التي تلتف حول منزلنا وأصبحت بدورها جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية فلا يكاد يمر يوم واحد دون ضوضاء ما عدا أيام معدودة مثل نهاية الأسبوع أو الأعياد والمناسبات الخاصة. ويضيف خالد: رغم إننا نعيش وسط هذه الورش إلا أن هناك بارقة أمل بنهاية هذه المعاناة. ولا يبتعد عبدالرحيم أبو خليل - خياط ملابس رجالية في شارع بن لادن - عن الرأي السابق إذ يقول: منذ 30 عاماً وأنا أعيش في حي الجامعة وفي تلك الفترة الماضية لم تكن الأوضاع كما هي عليها الآن ولم تكن عروس البحر الأحمر جدة بهذا التكدس السكاني والكم الهائل من العمالة، ولا أستطيع شرح كيف أصبحت الورش الصناعية الخاصة بالسيارات تملأ حي الجامعة في فترة وجيزة. ويضيف: نادينا كثيراً وأوصلنا أصوات الحي للجهات المسؤولة ولكن هيهات فلا جدوى من مطالباتنا فقد بحت أصواتنا وفي النهاية حصدنا الخواء. وقال رياض عبدالرحيم من سكان حي الجامعة: رغم ما يحيط بنا وبأبنائنا وإخواننا من خطر جسيم جراء مرور الكثير من السيارات ذهاباً وإياباً داخل حي الجامعة بحثاً عن الورش الصناعية وهذا ما يجعلنا قلقين جداً على أنفسنا وعلى من يشاطرنا الحياة، فلا أدري لماذا لم يتم نقل هذه الورش إلى مدن صناعية بعيدة عن الأحياء السكانية رغم أن هناك قراراً صدر منذ وقت ليس ببعيد نص على أن تنقل الورش الصناعية إلى مدن صناعية بعيدة عن النطاق العمراني ولكن للآن لم نر ذلك يطبق على أرض الواقع فإلى متى يظل هذا القرار حبيس الأدراج لدى الجهات المسؤولة؟. وفي نفس السياق يعتبر حي بني مالك والواقع في منطقة حيوية في مدينة جدة حيا تسكنه الكثير من العوائل ورغم ذلك لا تكاد ترى مبنى قائما دون وجود ورشة أو ورشتين أسفل منه، ناهيك عن مخلفات الورش من زيوت وشحوم وغيرها من مخلفات السيارات التي يتم إصلاحها وأيضاً السيارات الخربة وغيرها من المناظر المقززة. قرار النقل عدد من أهالي حي بني مالك عبروا عن معاناتهم من الإزعاج اليومي، مؤكدين أنهم يعيشون بين مطرقة الورش وسندان مواقع سمكرة السيارات وأن هذه السيناريوهات أصبحت جزءا من حياتهم اليومية، مطالبين في نفس الوقت بضرورة تنفيذ قرار نقل هذه الورش إلى مواقع خارج النطاق العمراني.