فوجئ مدير عام الأندية الأدبية بوزارة الثقافة والإعلام حسين بافقيه بتحول الأمسية الشعرية التي عقدت بالنادي الأدبي بمنطقة جازان، البارحة الأولى، وأحياها الشاعران أحمد الحربي ومحمد النعمي إلى نقاشات حول ضرورة إيجاد الحلول المناسبة لوضع النادي الذي وصفه البعض بالمتردي، بعد أن تعالت أصوات عدد من المثقفين والمثقفات تنادي بضرورة تبادل الآراء بدلا من الاستماع إلى الشعر. ووسط حالة من الترقب، وبمجرد إلقاء الشاعر أحمد الحربي لثلاثة نصوص كان قد سبقها باعتذار عن المشاركة وسط رفض الحضور، وإلقاء الشاعر محمد النعمي لمثلها، صعد إلى المنبر الشاعر أحمد سيد عطيف الذي بادر الحضور بالقول «هناك من يتباكى على أوضاع النادي الأدبي، لكنه لا يريد من أحد أن يتدخل لمعالجتها». وأضاف «نعم لدينا اختلافات مع مجلس الإدارة، ولنا عدة ملاحظات، ولكن النادي يستمر، ولن تتوقف أنشطته أبدا». وقال عطيف بأن الاختلاف في وجهات النظر أمر جيد، ومن لا يريد أن يخالف أو يختلف، فعليه أن يذهب إلى المقابر ليكون مع الأموات؛ لأن الاختلاف ظاهرة صحية. وقال القاص عمر طاهر زيلع، في مداخلة لطيفة وهادئة، بأن النادي سيظل منبرا ثقافيا للجميع، وأن الخلافات التي يعيشها هي بسبب الإدارة؛ لأن هناك من هو غير راض عليها، وعلى الجميع أن يتفهموا الوضع، وأن تحل المشكلة وأن لا تستمر وكأنها قضية العمر. من جهته، كان الشاعر عبدالرحمن الموكلي الأكثر صراحة، وهو يخاطب المثقفين والمثقفات قائلا: «أتينا إلى هنا لمناقشة قضية النادي وليس لسماع الشعر». وأضاف أن لا خلافات شخصية بين أحد، ولكن الخلاف كله من أجل الثقافة في المنطقه بهدف الرفع من شأنها. وتساءل موكلي: «لماذا نلف وندور حول أنفسنا، ونخرج عن القضية الجوهرية التي جئنا من أجلها، وهي مناقشة أوضاع النادي والبحث عن الحلول المناسبة له، فيجب أن نكون صادقين وواضحين». وقال «نحن ننادي في جازان (كررها ثلاث مرات) وللأسف، في الأخير، نخرج من الباب دون حل لمشكلتنا». وأوضح أن الأمسية نظمت لمدير عام الأندية الأدبية لتبعده عن قضايا النادي وهموم المثقفين بالمنطقة، داعيا إلى النقاش الجدي وطرح المشكلة لا لسماع الشعر والتغني بالقصائد. وأكد موكلي للحضور أن مشكلة النادي إن لم تحل فستكون المحاكم هي الفيصل. وتداخلت الشاعرة خديجة ناجع، وطالبت بفتح جميع الملفات والمكاشفة، مشيرة إلى أن «الخلاف قائم، ولا بد من حلول شافية ومحاسبة كل من أخطأ وتحميله المسؤولية كاملة، بل ومساءلته عن أسباب هذه الأخطاء». هذه المداخلات القوية التي لم تكن في حسبان مدير عام الأندية الأدبية أجبرته على الصعود للمنصة، وارتجل كلمة أكد من خلالها على أن للخلاف في جازان طعمه الخاص لأنه مختلف. وأضاف أن أبناء جازان دعوه لتناول طعام العشاء والغداء فلبى دعوتهم؛ لأن مثقفي المنطقة يصرون على الاحتفاظ بالثقافة كرأس مال وهذا من حقهم، وهنأ بافقيه الجمعية العمومية بالنادي على دورها الفاعل والحيوي، ووصفها بأنها «الجمعية الوحيدة على مستوى المملكة التي قامت بدورها الحقيقي، فهي كبرلمان يناقش السياسات ويطرح الحلول». وشدد بافقيه على أن أنشطة النادي لن تتوقف، وأن مقره لن يغلق، لأن هذا أمر مؤلم، خصوصا أن المنطقة تعج بالمثقفين والمفكرين والإعلاميين، ولم يمانع مدير عام الأندية الأدبية من اللجوء إلى القضاء. وقال «لا بأس أن نذهب للمحاكم، فهي ملجأنا، لكن يبقى النادي مفتوحا»، معللا ذلك بأن القضايا قد تطول مدة النظر فيها، وليس من المنطق إغلاق النادي؛ لأن ليس لمتذوقي الشعر والقصة والرواية وخلافها من المحاضرات الثقافية ذنب في ذلك. ودعا إلى أن لا تعطل هذه الخلافات أعمال وأنشطة النادي، لأنه للجميع ومن حق كل شخص في المجتمع أن يمارس حقه فيه، وقال بافقيه «يجب أن نتخلى عن ذواتنا، ولنذهب للقضاء لأن هذا أمر حضاري، ولكن تبقى أبواب النادي مشرعة والقضاء هو سندنا، ومتى ما صدرت منه أحكام بحل المجلس، فعلينا الامتثال لذلك». وأردف «وهل نريد تكرار تجربه نادي المنطقة الشرقية الأدبي». وتساءل الشاعر أحمد الحربي: لماذا أتى مدير عام الأندية الأدبية إلى جازان، هل من أجل الاستماع للشعر، ها نحن أسمعناه، وقال «نريده أن يستمع لشكوى المثقفين». وطالب الحربي بأن يفرق المثقفون بين الاختلاف في وجهات النظر وبين العلاقة الشخصية، مستشهدا بما كان يحدث بينه عندما كان رئيسا للنادي وبين نائبه محمد النعمي، موضحا أن الاختلافات تصل ذروتها وبصوت مرتفع، وفي النهاية نصل إلى نتيجة واحدة، ونغادر النادي سوية للعشاء أو النزهة. وأضاف أن لغة التشنج لن تأتي بالحلول، ولكن صوت العقل سيكون متسيدا للموقف متى أردنا الوصول إلى حل ناجع لأوضاع نادينا. وقال محمد حسن الرياني أنه تفاجأ بإقامة الأمسية الشعرية، لأنه جاء إلى النادي لحضور لقاء مفتوح بين مثقفي المنطقة ومدير عام الأندية الأدبية لمناقشة مشكلة النادي والعمل على حلها، وإذا بالوضع مختلف تماما. وأضاف «صدمت أنا وعدد من مثقفي المنطقة بذلك، لقد خيب مدير عام الأندية آمالنا». وكان مدير عام الأندية الأدبية بدأ زيارته لمنطقة جازان، عصر أمس الأول السبت، بحضور جلسة خاصة بقرية السادلية بأبوعريش في ضيافة الشاعر موسى عقيل، وبحضور عدد من مثقفي المنطقة. مشاهدات: كان الشاعر محمد النعمي الأكثر هدوءا ولم يناقش أوضاع النادي، فدار همس بأنه ربما يحضر لمفاجأة من العيار الثقيل. الشاعر أحمد السيد عطيف، ورغم حدة النقاش، أضفى أجواء من المرح على الأجواء بخفة دمه وقفشاته المفاجئة. توقع بعض المثقفين تثبيت مجلس الإدارة الحالي، مستشهدين بقول بافقيه «لا بد أن نحترم من يأتي بالانتخاب وليس بالتعيين». حرص مدير عام الأندية الأدبية على الالتقاء ببعض المثقفين على انفراد وبعيدا عن الأنظار. غاب عن حضور الأمسية رئيس النادي المستقيل محمد يعقوب، ويقال بأنه لم يدع للحضور. طغى شعر الغزل على قصائد الشعراء رغم حدة النقاش وأهمية المناسبة. شاعرتان كسرتا القاعدة وألقتا قصيدتين شعريتين نبطيتين.