يعاني سكان أربطة المساكن الخيرية في مكةالمكرمة من افتقار منازلهم إلى وسائل السلامة ومن غياب الصيانة بشكل يهدد أرواحهم ويستنزف جيوبهم المرهقة أصلا من تكاليف الحياة، مقابل السكن في شقة أو غرفة لا تصلح لإقامة البشر. «عكاظ» رصدت معاناة سكان أربطة الخير والتقت عددا من الأهالي الذين عبروا عن خشيتهم من انهيار الأربطة عليهم خصوصا أن الكثير منها متهالك. وكذلك عبر عدد من المارة عن تخوفهم من السير بجوار هذه الأربطة خصوصا الرباط الذي تقطنه أم سعيد وجارتها، خشية أن ينهار عليهم، مشيرين إلى أن منظره المتهالك من الخارج وسقفه المنهار من الداخل وأسلاك الكهرباء المكشوفة في مدخل البناء، كفيلة ببث الرعب في قلوب المارين قربه، فكيف يكون الأمر بالنسبة إلى الساكنين الذين يعانون الأمرين من هذا البناء القديم الذي يعج بالأطفال والأرامل وكبيرات السن اللاتي أنهكهن صعود السلالم المتكسرة. وقالت أم سعيد إن عمر الرباط تجاوز ال 60 عاما وجميعنا معسرات نعيش على مخصصات الضمان الاجتماعي وصدقات أهل الخير، مشيرة إلى أن سقف مدخل البناء انهار بسبب رطوبة المياه المتسربة من الشقق في الدور الأول، إضافة إلى أسلاك الكهرباء المكشوفة وانقطاع المياه والمصاريف التي ندفعنها لشراء صهاريج المياه طيلة العام وخصوصا في موسمي رمضان والحج. وأضافت أن الدفاع المدني وجه إنذارين للوكيل المكلف بإدارة السكن بإصلاح المخالفات خلال إحدى الجولات التفتيشية، بعد إخماد الحريق الذي نشب في احدى الشقق العام الماضي. وقالت، إلا أن الوكيل طلب من الساكنات إخلاء البناء لعدم رغبته في التعاقد مع شركة للصيانة وإصلاح المخالفات والأعطال وترميم الشقوق في الجدار خصوصا بعد سقوط سقف المدخل، مؤكدة أن المعاناة مازالت مستمرة وقلق الإخلاء والتشرد يساورهن ليل نهار خصوصا أن البناء يقع ضمن مشاريع الإزالة. أما الأرملة زينب، التي تعول 5 أبناء من بينهم طفل معاق، فقالت إن كثيرا من المساكن الخيرية مهمشة وتفتقر إلى أهم احتياجاتها الأساسية من النظافة والصيانة والأمن، مشيرة إلى أن القائمين على هذا الدور يتعمدون إهانة الساكنات وإذلالهن بسبب الحاجة وتذكيرهن بأن هناك من يتمنى العيش في مساكنهن التي وصفتها بالخرائب، إضافة إلى المحاباة في صرف الصدقات والزكاة عليهن مشيرة إلى أن السكن الذي تقيم فيه يحوي بعض العائلات الميسورة وبعض المقيمات إضافة إلى وجود نساء يعملن في وظائف حكومية وبرواتب مغرية وبعلم إدارة السكن، مع ذلك يشاطرنهن الصدقات بل وتحرم منها بعض المستحقات. وتحدثت أم حسن عن معاناتها بسبب الصيانة فقالت إن الشقة تحتاج إلى صيانة دائمة وهي تستقطع نصف مخصص الضمان الاجتماعي، لصرفه على ترميمها، إضافة إلى فواتير الكهرباء والمساهمة مع سكان الرباط أسبوعيا لجلب صهاريج المياه. وعبرت كل من بدرية وعفاف وهدى عن المخاوف والهواجس التي تراودهن بسبب المشاكل التي تحدث في الحي من المشاجرات وبعض التصرفات اللاأخلاقية التي تصدر من شبان الحي الذين يتعمدون الجلوس والسهر طيلة الليل قرب البناية وإزعاجهن بأصوات الدراجات النارية والتحرش، إضافة إلى العراك المستمر والخلافات بين السكان أنفسهم وتدخل عمدة الحي والشرطة لفض الخلاف وإصلاح الأمور بينهم. إلى ذلك ذكرت عضوة لجنة إصلاح ذات البين والناشطة الاجتماعية شادي غزالي جنبي أن أغلب الأربطة والمساكن الخيرية في مكة قديمة ومتهالكة وغير صالحة للسكن، وتعاني من غياب الصيانة ومن نقص شديد في الخدمات الصحية التي يحتاجها السكان، خصوصا أن أغلب الذين يقطنون هذه المباني نساء مسنات وأرامل ومطلقات من اللاتي يعشن على الصدقات ومخصصات الضمان الاجتماعي. وأضافت أن هؤلاء يحتاجون إلى مبان مؤمنة تتوفر فيها اشتراطات الأمن والسلامة، والخدمات المهمة لكبار السن كالمصاعد الكهربائية والممرات الخاصة بأصحاب الإعاقات الحركية، والبصرية، مشيرة إلى أن غالبية هذه المساكن موجودة في الأحياء الشعبية ومناطق الإزالة لصالح المشاريع التنموية والعمرانية في مكة، ما يهدد ساكناتها بالطرد والتشرد. واقترحت أن تتبنى وزارة الشؤون الاجتماعية، بالتعاون مع عدد من الجهات المسؤولة في الدولة ومن بينهم وزارة الإسكان وإمارات المناطق ومراكز الأحياء والجمعيات الخيرية لحل مشكلة مباني الأربطة والمساكن الخيرية القديمة وتحسين أوضاع قاطنيها، بإنشاء مبان سكنية حكومية ملائمة لحالة كل أسرة، على أن تعمم هذه المشاريع على مستوى مناطق المملكة، مبينة أن مشروع كهذا يقضي أو يحد من التلاعب والخداع الذي يحدث في المساكن الخيرية والقضاء على السكن العشوائي بها كتأجيرها على بعض الأسر الوافدة، ومنحها لمن لا يستحقها، وحرمان العوائل المحتاجة من السكن بها.