ظلت الدراجات النارية محل خلاف مستمر في قبولها ورفضها وسط المجتمع، فنهاك من يرفضها حتى وسط الشباب أنفسهم الذين يعتبرون استخداماتها الخطرة محاولة لسد الفراغ والنقص، وهناك من يتقبلها وسط الكبار إلا أنهم يتحفظون على أسلوب البعض منهم عندما يمارس هوايته وهو يمتطيها، مشيرين إلى ضرورة أن يحافظ الشباب على أرواحهم أولا انطلاقا من التعاليم الدينية، ثم تقديرا واحتراما للشارع العام الذي هو ملك للجميع، فيما يطالب عدد من الشباب بضرورة أن يعطوهم فرصة للتنفيس عن رغباتهم وممارسة هوايتهم تحت عيون الرقيب، بينما ينتقد آخرون طريقة من يمارس تلك الهواية، إذ وصفوه ب (الجاهل)، وقالوا إنه كثيرا ما ينتج عنها حوادث وإزعاج وبعض ضعاف النفوس يصل بهم الأمر إلى استخدامها للسرقات.. (عكاظ) استقصت الحقائق والآراء في هذه السطور. في كل المدن أصبحت الدراجات النارية ملاذا لعدد كبير من المراهقين لممارسة هواياتهم التي يصفها آخرون بأنها قاتلة ولكنهم يعتبرونها متنفسا لهم على قارعة الطريق، ففي شوارع أم العراد رصدت (عكاظ) وتعرفت عن قرب على ما يدور في هذا الشارع وعن مدى الاهتمام الذي يدفع الشباب لممارسة الظواهر السلبية فيه. ويقول ل(عكاظ) الشاب فيصل محمد، دائماً ما يدفعه الفضول للخروج من المنزل والوقوف على الباب الخارجي المطل للشارع، فمواكب الدراجات النارية اتخذت من طريق الشفا مرتعاً للاستعراض وممارسة الهواية البهلوانية أمام المركبات لدرجة تصل إلى مضايقة المركبات المارة خصوصاً العوائل التي تسلك الطريق بدون وجود عائل للأسرة. وبعدسة الكاميرا جرت مراقبة الطريق عن كثب، بعد أن لامسنا معاناة وانزعاج سكان الحي بسبب هذه الدراجات، مع رفضهم التام الظهور بوجوههم أو أسمائهم خوفاً من أن يتعرضوا لانتقام على حد وصفهم من قبل قائدي الدراجات، ويستذكر المواطن (ع . م) مواكب الدراجات النارية التي تأتي في الغالب خلال يومي (الأربعاء والخميس) في فترة منتصف الليل، حيث لا تجد في الدراجة الواحدة إلا راكبين بمعنى آخر يطلق على الراكب الخلفي بالمعاون، ومهامه متابعة وملاحظة الطريق والتواصل مع مواكب الدراجات عبر الجوال حتى لا تفسد الجهات الأمنية مخططهم، ومما لا شك فيه بأن هناك سلوكيات وتجاوزات غير مستحبة، حيث تمتد إلى رمي القوارير الزجاجية على الدوريات المارة، إلا أنها مثل هذه الأفعال لا تدوم، حيث يتم ضبط في كل ليلة عددا من الدراجات التي تدفع بحماس الشباب لمشاهدة الاستعراض على قارعة الطريق بإقحام الدراجات في خط سير المركبات، في حين لا تخلو بعض هذه الأفعال عن بيع الممنوعات والمواد المخدرة على فئة الشباب. يقول أحد المواطنين في الحي: لقد طفح الكيل من تصرف هؤلاء الشباب ودائما ما أتساءل متى تنتهي مراهقة هؤلاء الشباب ليعودوا إلى واقع الحياة؟. اما منيف العتيبي فيقول: إن ممارسة قيادة الدراجات النارية هواية طيبة وتجد القبول من معظم الشباب فهم يروحون بها عن أنفسهم ويحاولون أن يقضوا بها وقتا ممتعا مع في إطار جماعي متناغم يستعرضون فيها إمكانياتهم البهلوانية. ويبين (ع.م) بأن منظر الحي يكون دلالة على تطوره، ولكن وقوع مثل هذه الأفعال جعل الحي ملاذا للظواهر السلبية مع مرور الوقت، بسبب تجمع فئة الشباب وصغار السن وذلك بممارسة هواية الرسوم على المدارس والمحطات المصحوبة بكتابة العبارات الخادشة للحياء. واستطرد يقول: لقد ساهمت برودة الأجواء في تقليل تواجد مواكب الدراجات في الليلة التي قمنا فيها بعملية الرصد، في حين كانت العيون الساهرة من الدوريات الأمنية والمرورية السرية ترصد التحركات وتراقب امتداد الطريق، حتى ظهرت مواكب الدراجات في الموعد المحدد وكانت أصوات (عباراتها) تصدح في أرجاء الطريق، مع أداء العروض الاستعراضية بشكل فردي وجماعي، وقطع الإشارات الضوئية معرضين حياتهم وعابري الطريق للخطر، وقد استوقفنا أحدها بعد أن لاحظنا تناقص سرعة موكب الدراجات، ويظل هذا الحال مستمراً حتى يتم الإيقاع بهم أثناء توقفهم بالمحطات أو المحلات التجارية، أو عند الإشارات الضوئية بطريقة مباغتة دون أن تكون هناك فرصة للمقاومة أو للهروب. من جانبه، أوضح ل(عكاظ) المتحدث الرسمي لمرور محافظة الطائف الرائد علي المالكي، بأنه بالنسبة للدراجات النارية وانتشارها فإن إدارة المرور ممثلة في شعبة السير تعمل جاهدة على ضبط تلك الدراجات وتطبيق التعليمات بحقها، مشيرا إلى أن الدراجات التي لا تحمل لوحات أو الدراجات الصغيرة غير المسموح لها بالخروج من الأماكن المخصصة لها فإنه يتم حجزها، وأضاف: إن دوريات الأمن وشرطة الطائف (البحث الجنائي) لديهم حملات مكثفة وتعاون مستمر، مبينا بأن الجهات الأمنية كثيراً ما يواجهونها عندما يقتربون من الدراجات، حيث يقوم قائدو الدراجات بعكس الطريق ويأخذون مسالك أخرى في الهروب، ولكن الآن يتم ضبطهم بطريقة سرية، خاصة في أيام إجازة نهاية الأسبوع من خلال الحملات المفاجئة. وأوضح ل(عكاظ) عضو المجلس البلدي بالطائف أحمد الشهيب، بأن المجلس البلدي أبدى رأيه في التشوه البصري الذي يحدث من الكتابة على جدران المدارس والمحطات في الأحياء، مبينا أن معظم عمليات الكتابة على الجدران تتم من قبل راكبي تلك الدراجات، وأضاف: مثل هذه التصرفات لا بد أن يتم مجازات مرتكبيها لكونها تعديا على الممتلكات العامة والخاصة، مضيفاً بأن مثل هذه الأفعال ليس لها مكان أو زمان وتدل على عدم ثقافة مرتكبيها من فئة الشباب وهم فئة قليلة وبحاجة لتوعية، حتى تمحى فكرة استغلال الجدران في تفريغ هذه الطاقة.