تنهض على تضاريس مواقع التواصل الاجتماعي والبرامج الذكية عبر الهواتف النقالة الكثير من البرامج التي يستفيد منها مستخدمو هذه الوسائل، ولكن في نفس الوقت فإن الفضاء الإلكتروني يحمل في طياته الكثير من السلبيات، ولعل الابتزاز يعد أحد الوجوه القبيحة لمواقع التواصل الاجتماعي. وأجمع عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي على أن الابتزاز غالبا ما يكون مرتديا عباءة نسائية أو متخفيا في ثوب رجل وسيم يمتطي أرجوحة الرومانسية، وبعد أن تقع الفأس على الرأس يكشف المبتز وجههه الحقيقي وتبدأ سيناريوهات الابتزاز. وأضافوا أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والبرامج الذكية عبر الهواتف النقالة والأجهزة الذكية أصبح سهلا جدا وبواسطته يجري الاتصال عبر الصوت والصورة وبمقاطع فيديو عالية الجودة، وبرامج متعددة وكثيرة ومختلفة، وكل برنامج بمزاياه ومواصفاته الخاصة. ومثل تلك البرامج السريعة والذكية بالتأكيد لها سلبيات وإيجابيات ويمكن استخدامها بشكل سليم وغير ذلك، حسب تربية الشخص وثقافته وأخلاقياته ومعايير أخرى كثيرة. ورغم أن مجتمعنا بعيد كل البعد عن تلك المعاملات إلا أن البعض اكتسب من الثقافات الأخرى كيفية استخدام السلبيات، وبالتأكيد فإن الأجهزة الأمنية والرقابية تعمل جاهدة على الحد من مثل تلك التصرفات الدخيلة على مجتمعنا ومنعها ومعاقبة من يتعمد الضرر بالناس وأذيتهم وتشويه صورتهم. وفي هذا السياق أوضح محمد البارقي أحد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي أن الابتزاز منتشر وبشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي وبأشكال مختلفة تثير الخوف والقلق على أبنائنا وبناتنا الشباب، وبالتالي فإن القضية تتطلب المراقبة اللصيقة لأبنائنا وفتياتنا والتنبه لما يمارسونه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو ما قد يمارس ضدهم ويقعون في ورطة كبيرة قد تكون سببا في نهاية حياتهم أو تشويه سمعتهم أو الدخول إلى السجن والعقاب. وأضاف: مواقع التواصل مفتوحة للجميع وليس عليها قيود أو رقابة بالشكل المطلوب، والتعامل معها صعب وبحاجة لتنبه، لأن الأشخاص الذين يرتادونها تختلف أعمارهم وثقافتهم وجنسياتهم، فهي مواقع مفتوحة على العالم بكل دياناته وأشكاله وسلوكياته، ونحن كمجتمع طيب غالبا وتنتشر سمعته بأنه غني، نعد مطلبا للآخرين والكثير يرغب في أذيته والتكسب منه والحصول على ما يمكن الحصول عليه. من ناحيته سرد عمر المدني قصة صديق له تعرض للابتزاز عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، يقول المدني «كان صديقي في منزله في أمان الله هادئا يشاهد التلفزيون، وبعدها شعر بالملل ففتح صفحته في الفيس بوك، وإذ برسالة خاصة من معرف أنثوي يطلب منه التحدث والدردشة، وفعلا قام بمجاراة المعرف والتحدث معه، وبعد ذلك قام المعرف الأنثوي بطلب التحدث مع صديقي عبر الفيديو والكاميرا، صوتا وصورة، فاستجاب للطلب الناعم وبعد ذلك قام المعرف بطلب أمور غير أخلاقية عبر الفيديو، وتهور صديقه واستجاب للدعوة، وبعد الانتهاء من العملية وإذ بمفاجأة مدوية صدمت الصديق المخدوع وكادت تودي بحياته من القلق والخوف، لأن المسألة وما فيها أن الوجه الزائف سرعان ما أعلن عن نفسه، إذ كشف المعرف الذي كان يدعي أنه فتاة وجهه الحقيقي وأعلن صراحة انه ليس فتاة وإنما رجل، وبعدها بدأت مساومات الابتزاز ضد صاحبي. وأضاف المدني قائلا وهو يسرد حكاية صاحبه الذي وقع في ورطة: قال المعرف المبتز لصاحبي أنا لست فتاة والمقاطع التي شاهدتها مسجلة ومفبركة، وقد قمت بتصويرك وسأعمد على فضحك في مواقع التواصل وتشويه سمعتك إذا لم تحول لي مبلغا ماديا نتفق عليه. وتابع المدني: بالفعل أرسل المعرف المقطع لصاحبي وشاهد نفسه في وضع سيئ وما كان منه إلا أن استسلم للأمر الواقع ودفع للمبتز المبلغ الذي طلبه في محاولة للهروب من سيناريو التهور الذي وقع فيه وبعدها تاب إلى الله وابتعد كليا عن مواقع التواصل ولم يعد يثق في أي شخص يصادفه في تلك المواقع. من ناحية أخرى تحدث ناصر الجوفي عن مشكلته مع تلك المواقع، حيث نشر له مقطع غير أخلاقي يفضح استعراضه أمام الكاميرا بعد أن جره معرف أنثوي لذلك الفعل المشين الذي اتضح أنه معرف ذكوري في نهاية الأمر، وطلب منه مبلغا من المال إلا أنه امتنع عن الدفع وقال الجوفي خاطبت المبتز بقولي «سوف تذهب إلى الجحيم وسأعمل جاهدا على إلقاء القبض عليك، وتبادلنا السباب والشتائم، فما كان من المبتز إلا أن عرض مقطع الفيديو عبر مواقع التواصل» وأضاف ناصر بقوله «تشوهت سمعتي وأصبح الجميع يتحدث عن فعلتي المشينة، وانهارت حياتي ووصل بي الحال أن طلقت زوجتي وتشرد أطفالي، وتأثرت علاقتي بالآخرين، وأستطيع القول إن ذلك المقطع تسبب فعليا في تغيير مجرى حياتي وزعزعة ثقتي بالآخرين». وبالنسبة لنسرين نور، إحدى الناشطات في مواقع التواصل الاجتماعي، فإنها تعرفت على شاب وسيم عبر مواقع التواصل وبعد فترة من الزمن طلب منها مبلغا ماديا بشكل هادئ، إلا أنها اعتذرت لأنها لا تستطيع تأمين المبلغ المطلوب في الوقت الحالي، غير أن الشاب الوسيم كشف عن نفسه وأظهر حقيقته وكشف عن شخصيته الحقيقية، فهو رجل من جنسية عربية لا يعيش في المملكة وليس وسيما أبدا، وكبير في السن، وقد درج على ابتزاز الفتيات عبر عرض صور شخص وسيم ورمانسي حتى يقعن في شباكه ويطلب منهن صورا، ومحادثات عبر الفيديو، وبعد ذلك يبدأ في ابتزازهن وطلب أموال طائلة منهن، وحين يمتنعن يبدأ بنشر صورهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي والواتس اب، لعلمه الأكيد بأن فعلته تلك ستتسبب في تشويه سمعتها وتدمير حياتها وقد يصل بها الأمر إلى أمور معقدة أخرى. من جهته تحدث محمد الغامدي، بقوله «نعلم أن مثل تلك السلوكيات تحدث عبر مواقع التواصل والواتس اب وبرامج التانقو والسكاي بي، ومن عادتي لا أتحدث إلا مع من أعرف، ولا أقوم بالاستجابة لدعوات من أشعر بأني لا أعرفه، وحين يدعوني معرف غريب فإني لا أستجيب لطلبه، لأني أعلم بأن أغلب تلك المعرفات، خاصة العربية فضولية ومبتزة». وأضاف ناصحا: على الإنسان العاقل عدم الانجرار خلف المعرفات الوهمية فأغلبها تابع لشخصيات تحمل الشر في داخلها والطمع وعدم الخوف من الله سبحانه وتعالى هدفها كسب المال بأي طريقة وهناك عصابات مشكلة بعناية تعمل على اصطياد الأشخاص عبر مواقع التواصل لأجل التكسب من خلفها وحصد أموال. واستطرد: الكثير من المنازل هدمت بسبب نزوات عبر مواقع التواصل ومحادثات مخلة بالأخلاق، ويجب على الأهالي مراقبة أبنائهم والتنبه لسلوكياتهم وتوعيتهم حتى لا يقعون في مصيدة الابتزاز الذي تعددت أشكاله وألوانه. وفي موازاة ذلك دعا الناطق الإعلامي بشرطة محافظة جدة الملازم أول نواف البوق بالتنبه لمثل تلك التعاملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها والابتعاد عن تلك السلوكيات التي قد تودي بحياة الفرد والمجتمع وتقلب حياته رأسا على عقب. وأضاف الناطق الاعلامي بأن التنسيق بين شرطة المنطقة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قائم ويتم بسرية تامة، وكل مبتز يعاقب حسب نوعية ابتزازه وشكله، ويصل الأمر للسجن والجلد. إدانة الجريمة الناطق الإعلامي لشرطة جدة أكد على الذين يتعرضون للابتزاز المادي أو التحرش التوجه إلى أقرب فرع لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو الاتصال على هواتفهم والتبليغ عن المشكلة حتى يتم التعامل والتحقيق فيها وإدانة المبتز بالجريمة. وأضاف أن الرقم 6425550 يتم من خلاله استقبال مثل هذه البلاغات.