إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أبي لمحزونون، رحلت عن دنيانا الفانية إلى الدار الباقية في جنة الخلد إن شاء الله في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر، تاركا خلفك الذكر الطيب والسيرة الحسنة، ودعناك يا والدي ورحلت عنا، ولكنك معنا في دعائنا لك، وكل شيء في هذه الدنيا يذكرنا بك، وكيف أنساك وكل حجرة في البيت لي معك فيها قصة تروى، من يوم كنت صغيرا حتى أصبحت رجلا، وبينهما سنون كل يوم فيها كنت أعظم وأطيب أب، كيف أنساك وكل كتاب في مكتبتك العامرة أرى صورتك فيه، والدي خنقتني العبرة عندما أمسكت القلم لأكتب عن مآثرك فاحترت عن ماذا أتحدث، عن طيبتك التي غمرتنا بها، أم عن نصائحك وإرشاداتك التي أضاءت لنا الدروب، أم عن تربيتك التي علمتنا الثقة في الله وحسن المعاملة مع الله أولا ثم مع عباده والاعتماد على النفس والصبر على نوائب الدهر، أم عن مواعظك التي كنت تجمع كل من في البيت لتقرأ لنا من الكتب الدينية حتى بعد أن أصبحنا أرباب أسر فاستنارت بذلك بصائرنا، لقد تركت برحيلك يا أبي فراغا كبيرا لا نعلم كيف سيسد، سبحان الله قبل رحيلك ببضع ساعات، وبينما كنت أتجاذب معك أطراف الحديث كنت تعدد لي بعض أسماء زملائك الذين رحلوا عن هذه الدنيا، لم أكن أعلم أنك كنت تعزيني في نفسك.. اللهم يا رب يا حي يا قيوم أسألك وأدعوك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر وتعفو وترحم أبي كما رباني صغيرا. المهندس عصام علي العباسي