اعتبر شرعيون وحقوقيون أن بخس الموظفين في حقوق نهاية الخدمة عند خروجهم من أعمالهم، ظلم وأكل للحرام، قائلين «على الشركات وكافة القطاعات تفادي هذا الظلم وإعطاء موظفيهم حقوقهم كاملة، خصوصا أن المرء أحوج للمال عند مغادرته لوظيفته نهائيا». ونوه أحد المحامين بضرورة تقدم الموظف بشكوى على صاحب العمل إذا تحايل عليه في حق نهاية الخدمة، أو إذا نص في العقد بعدم المطالبة بهذا الحق، قائلا «من أسقط بند بدل نهاية الخدمة فإسقاطه لاغ لكون هذا الحق معمولا به في نظام العمل في المملكة». وأكد شرعيون أن التحايل من أكل السحت، لافتين إلى أن نهاية الخدمة إنما هي إكرام للموظف، ومن أهم حقوقه، وإن تقاضى رواتبه الشهرية كاملة. وشدد المشاركون على ضرورة ألا يحدث اللبس بين حقوق الموظف وبين راتبه الشهري، إذ تضيع بعض الحقوق بحجة أن الموظف تسلم كافة رواتبه الشهرية. ورأى أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور صالح السدلان أن معايير اختيار الشخص لوظيفة أحيانا يتجع إلى أمله في حقوقها، لكونه سيحتاج للمال عند نهاية خدمته للصرف على نفسه وأسرته. وأضاف يفاجأ أحيانا البعض بإنكار هذا الحق أو بالتحايل عليه وهذا من أكل أموال الناس بالباطل. وحذر من حجج شركات صغيرة تخبر موظفها بعدم إمكانية إعطائه حقوقه عند نهاية خدمته، إذ تطالبه بالتنازل عن ذلك بالتوقيع على العقد، قائلا نهاية الخدمة حق للموظف، ومحذرا في الوقت ذاته من تحجج الشركات للموظف بعدم إمكانية صرف ماله لبعض الالتزامات لديهم. من جانبه، أكد المحامي خالد أبو راشد أن موظف القطاع الخاص إذا تعرض إلى بخس في حقوقه أو مماطلة أو أي إنكار فله التقدم إلى مكتب العمل، مضيفا: أما الجهات الحكومية فأنظمتهم واضحة ولكن إن حصلت مماطلة من قبل جهة العمل فلموظفها التقدم إلى ديوان المظالم. ولفت إلى أن نهاية الخدمة من حقوق الامتياز للموظف، «حتى وإن صفت ما عليها فأول ما يجب أن تصرف لموظفيها حقوقهم». وأضاف إذا تم الاتفاق مع الموظف بعدم حصوله على حق نهاية الخدمة عند مغادرته للشركة نهائيا ووقع على ذلك، فله أن يتقدم إلى مكتب العمل، ليطالب بهذا الحق. وأكد أن التوقيع على أي بند يخالف ما نص عليه في مكتب العمل يعتبر لاغيا. وحذر الأستاذ المشارك في المعهد العالي للقضاء الدكتور هشام آل الشيخ من التحايل على حقوق نهاية الخدمة مؤكدا أن هذا من أكل أموال الناس بالباطل. واستشهد بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)، وذلك في بيان أهمية مقاضاة الموظفين أو العمال لأجورهم من أصحاب المال، قائلا «التحايل على نهاية الخدمة من أكل أموال الناس بالباطل». وشدد على ضرورة الالتزام بالعقد المبرم كما في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)، إذ لا يجوز للعامل المطالبة بأكثر من حقه، كما لا يجوز لجهة العمل بخسه، خاصة أن عائلة تنتظر منها المال، موضحا أن على من وقع عقدا بعدم حصوله على نهاية خدمته فله اللجوء لمكتب العمل للمطالبة بحقه وفقا لما هو معمول به في نظام العمل في المملكة، مستشهدا على حرمة الظلم بالحديث القدسي: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرما بينكم فلا تظالموا). إلى ذلك، أوضح أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة الملك سعود الدكتور أحمد المزيد أن غالبية الموظفين يعتمدون على مكافأة نهاية الخدمة لكونهم لا يستطيعون مزاولة العمل عند الكبر، قائلا أخذ هذا الحق الذي ينتظرونه لغرض الإنفاق على أنفسهم وأسرهم لا يجوز وإثمه كبير. وحذر من تحايل صاحب العمل على أموال نهاية الخدمة إذ قرر على هذا الحق في نظام العمل السعودي في المواد 84 وما بعدها، لافتا إلى قول الله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)، مبينا أن الموظفين يعتبرون هذا المال حقا لهم، ومؤكدا في الوقت ذاته أن الأكل المحرم من السحت الذي يحبس إجابة الدعاء، ويودي بصاحبه في النار، كما حذر من أكل السحت النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت). وذكر أن الله سبحانه وتعالى أمر صاحب العمل بإعطاء العامل أجره وعدم التسويف، كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)، مطالب بدفع الأجر المناسب لقول الله تعالى: (ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين). وأشار إلى توعد الله في الحديث القدسي لمن يبخس مال الأجير من حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال: (ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته... ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره). وأضاف: من محاسن الشريعة أنها حفظت الحقوق المادية والمعنوية، لافتا إلى أن من الحقوق الأساسية منح الموظف مكافأة نهاية الخدمة، وهذا يتطلب الوفاء بالعقود إذ أمرت الشريعة كلا من العامل ورب العمل بالوفاء بما اتفقا عليه كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)، وقال تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون). من جانبه، أوضح الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عادل بن علي الشدي أن أكل حقوق نهاية الخدمة حرام ويفضي إلى المهالك، مطالبا بالحرص على أكل الحلال والطيب لقول الله تعالى: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم)، وقوله سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم). ولفت إلى أنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أن (الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له). وحذر من أكل المال بالحرام بأي طريقة كانت أو بأي وسيلة حصلت منوها إلى أن أكله بغير وجه حق يمنع إجابة الدعاء ويغلق باب السماء كما يعد طريقا محفوفا بالمخاطر.