تختلف صيوانيات العزاء من مكان إلى مكان حسب العادات والتقاليد المتبعة في كل مدينة، فهي عبارة عن سرادق يقيمه أهل المتوفى ليستقبلوا فيه المعزين، ولكن في السنوات الأخيرة تحولت لدى البعض إلى مظاهر للتباهي والإسراف ،وقد أكد عدد ممن التقتهم «عكاظ» أنها تتنافى مع الدين وعادات المجتمع الأصيلة. بداية يقول محمد قويرة «كان الناس في الماضي يعزون أهل الميت في منزل الأسرة دون مظاهر البذخ التي نشاهدها في وقتنا الحالي، ورغم ذلك إلا أن للعزاء هيبة، حيث إنه لا يكون هناك ابتذال في اللباس، بل يكون لباسا عاديا بسيطا كما اعتاده الناس في الماضي، وهدفهم واضح وهو مواساة أهل الميت في مصابهم والدعاء له، ولا يبقون في مكان العزاء كثيرا بعد تعزية الميت لفتح المجال للآخرين ليعزوا أهل المتوفى، حيث تجد وجوهاً حزينة وألسنة تلهج بالدعاء للميت والصبر والثبات لأهله». من جانبه يقول عمار العوفي «إن معطيات العصر الحديث ووجوب تخصيص مكان واضح يليق بمكانة أصحاب العزاء، يتطلب أن يوضح للجميع حتى يتسنى لهم القيام بواجبهم، لكن للأسف أخذ هذا الموضوع منحنى آخر حتى أصبحت (صيوانيات العزاء) تنتشر بها مظاهر لا تدل إلا على الفرح والظهور بمظهر الفخامة والأناقة، حيث يمتلئ المكان باللمبات المضيئة ويفرش بسجادات حمراء وتقدم فيها أنواع وأصناف الولائم وتكون من أفخر أنواع الطعام والشراب، ورغم ذلك إلا أنني أرى في بعض الأحيان بصيوان العزاء أشخاصا يستخدمون الجوالات الحديثة لتبادل النكت والصور والملفات متناسين بذلك حزن أسرة المتوفى». ومن جهة أخرى يرى أستاذ كرسي الأمير نايف لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بالجامعة الاسلامية الشيخ الدكتور غازي المطيري، أن الشريعة الإسلامية أقرت التعزية وجعلتها من الآداب المرعية بين المسلمين، وذلك تخفيفاً لأهل المتوفى عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم (ضعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم)، وحين النظر في التطبيق العملي في الواقع نلاحظ توسعا وتضخيما ومبالغة وأسرافا وصل إلى أن أصبح بيت أهل الميت ضيافة، وهذا ما حذر منه ابن عباس رضي الله عنه حينما نهى عن اتخاذ الضيافة عند أهل الميت، والمشاهد التي نراها في صيوانيات العزاء اليوم، أن أهل الميت هم من يتحمل الضيافة على مدار الثلاثة أيام ما يحملهم تبعات يومية. ويضيف وبناء على ذلك فإن الحكمة من العزاء لم تتحقق وإنما وقع العكس وتحققت المفسدة وظهرت «الاستعراضات الضيافية»، مما لا يشك الفقيه المتفحص إلى كراهة مثل هذه الممارسات التي وصلت إلى حد شد الرحال من مدينة إلى أخرى والمؤاخذة والعتاب لمن لم يحضر وكم من أسرة فقدت بحادث جراء الوصول إلى هذا العزاء.