تشكل ظاهرة التسول في جازان مصدر قلق للكثيرين من أبناء المنطقة الذين رأوا أنها لا تليق بمنطقة تنعم بالخيرات، ويرون أنها دخيلة على مجتمعهم، ويلقون بالمسؤولية عنها على بعض الوافدين الذين يستغلون النساء والأطفال لتحقيق أكبر قدر من الأموال عن طريق نشرهم أمام البنوك والمطاعم والأسواق الشهيرة، وبجوار الإشارات وصرافات البنوك. وأشاروا إلى أن هذه الظاهرة أصبحت أكثر تنظيما من السابق وتحولت إلى تجارة مربحة، حيث يلجأ أصحابها إلى التظاهر بالإعاقة والمرض، فيما طالب عدد من الأهالي بضرورة إنشاء مكتب لمكافحة التسول، وتكثيف الجهات المعنية من جولاتها الرقابية للحد من هذه الظاهرة الدخيلة، والسيطرة عليها قبل استفحالها. وقال عادل حمدي إن المتسولين أصبحوا يشكلون خطرا على الممتلكات لانتشارهم داخل الأحياء وأمام المحال التجارية، كما أنهم يشوهون المنظر العام، مشيرا إلى أن هؤلاء المنتشرين في أرجاء المدينة يدارون من قبل عصابات تستغلهم لجمع الأموال. من جانبه رأى فيصل مهدي أن المخيف في الأمر أن ضعاف النفوس أصبحوا يتاجرون بالنساء والأطفال، ويوزعونهم أمام الإشارات المرورية والمولات التجارية مستغلين ضعف المتابعة والرقابة. واستغرب وهيب حوباني، وصول "الشحاذين" إلى بيوت الله، وقال حتى المصلون لم يسلموا من إزعاجهم وهم ينتظرون فراغهم من الصلاة، فيما قال محسن خولي، أصبحنا في حيرة مع المتسولين، ومشاعرنا مشتتة بين الشعور بالشفقة والعطف، وبين الخوف من أن نكون مشاركين في تشجيعهم على التمادي في هذه الظاهرة، فلم نعد نفرق بين المحتاج ومن يدعي الحاجة. في المقابل قالت الباحثة الاجتماعية فاطمة حمدي إن هذه الظاهرة تعد من الظواهر الاجتماعية الملحوظة في مجتمعنا، إذ لا تكاد تخلو الشوارع الرئيسية في المناطق والمحافظات، من وجود المتسولين من جنسيات مختلفة ومجهولة، رغم جهود محاربتها، معتبرة أن التعاطف أحد أسباب تكاثر المتسولين. من جانبها، أوضحت الباحثة آمنة البارقي أن أكثر المتسولين من فئة الشباب، ويتمتعون بصحة جيدة، وقادرون على العمل والعطاء، مستغربة تعاطف البعض وتساهلهم معهم بإعطائهم المال كمحفز لهم على الاستمرار في التنقل من مكان لآخر. إلى ذلك وصف مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية في منطقة جازان الشيخ سعد بن حسين النماسي، هذه الظاهرة بالسلبية، خصوصا أنها غزت المساجد والشوارع، ورأى أنها تشكل تشويها لحقيقة الوضع الاجتماعي في المنطقة الذي ينبذها ولا يشجع على استمراريتها، معتبرا أنها مخالفة للأنظمة والتعليمات. وقال إن ما يحز في النفس أن ترى رجالا أقوياء أشداء يقفون في الجوامع بعد الفروض للسؤال، لأن هذا بحد ذاته تعطيل لحركة الإنتاج والتشغيل. وأضاف: لو أن كل شخص تلقى المال دون تعب وجهد فمن سيبقى في المؤسسات العامة وهو خلاف ما أمر الله به من إحيائها وعمارتها بالعمل. وطالب وسائل الإعلام بتبني حملات توعية للمواطنين حتى لا تأخذهم العواطف وينساقون للدفع لكل من يقف سائلا مستعطفا. وأشاد النماسي بدور إدارة مكافحة التسول الفاعل وطلب أن تبذل المزيد من الجهود لمواجهة هذه الظاهرة، مهيبا بأئمة المساجد بالحرص على حث الناس على جعل صدقات أموالهم وزكواتهم تمر عبر الجهات الموثقة والمرخصة لتصل لمستحقيها ولا تأخذهم العواطف. من جانبه، أوضح الناطق الإعلامي في شرطة جازان العقيد عوض بن عبدالله القحطاني، أنه تم القبض في عام 1433 على 1176 من المتسولين من جميع الفئات العمرية في جميع المحافظات والمراكز بالمنطقة، مبينا أن غالبيتهم من الدول المجاورة. جولات ميدانية قال الناطق الإعلامي للجوازات النقيب محمد بن علي الفيفي إن الجوازات وضمن جهودها في القضاء على ظاهرة التسلل والمخالفين لنظام الإقامة تقوم بجولات ميدانية لضبط هؤلاء، مشيرا إلى أنه تم ضبط 4851 مقيما بطريقة غير نظامية و47 مخالفا لنظام الإقامة خلال ثلاثة أشهر، وتمت إحالتهم إلى إدارة الوافدين في المنطقة لاستكمال إجراءاتهم واتخاذ اللازم بحقهم.