تلتقي في قرية عمق (50 كيلو مترا إلى الشرق من محافظة جدة) ثلاثة طرق برية تشكل نقطة التقائها مثلثا للقادم من مكةالمكرمةوجدة والعابرين من طريق الساحل. وتعتبر القرية منذ نشأتها قبل عقدين تقريبا من أسرع الضواحي نموا في الناحية العمرانية وتزايد السكان، إلا أنها نتيجة لافتقارها لخدمات البنى التحتية كالكهرباء والمياه والهاتف وعدم وجود بعض الإدارات الحكومية اللازمة لأي مكان عمراني ناشئ كالصحة ومركز الشرطة والدفاع المدني تحولت إلى منطقة جاذبة للمخالفين والمجهولين الذين باتت أعدادهم متزايدة. ومما يثير قلق المواطنين القاطنين في القرية ويسبب انزعاجا لهم؛ نظرا لكثرة المضايقات الصادرة من هذه الفئات المخالفة وانتشار مواقع تجمعاتهم بين المنازل الآهلة بالسكان وتجوالهم الليلي على الدراجات النارية وسيارات النقل الصغيرة التي رصدت عدسة «عكاظ» بعضا منها لا تحمل لوحات رقمية لإثبات ملكية المركبات. ولم يتوقع عبدالله الحربي -من سكان عمق- أن الأرض التي اشتراها لبناء منزله منذ ما يقارب عشرة أعوام للتخلص من معاناة الإيجار والتنقل من شقة لأخرى بحثا عن الأرخص، لم يتوقع نقص الخدمات في المنطقة، خاصة الكهرباء، التي تحولت إلى حلم يراود الأهالي، ولا يعرفون متى سيتحقق خاصة أن الشبكة اخترقت القرية. وقال: «مجبرون على تحمل حرارة الصيف وأعطال المولدات المتكررة، والقرية وما جاورها تشهد نموا سكانيا مضطردا لكنها في ذات الوقت تفتقر لبعض الخدمات الأخرى؛ مثل توفير الجهات كالشرطة والخدمات البلدية والصحية، ويجب الإسراع في تلبية احتياجات الأهالي وتأمين الخدمات التي يحتاجونها، خصوصا الكهرباء، وافتتاح مركز للشرطة لمتابعة وضع العمالة المخالفة التي نمت أعدادها بشكل لافت مؤخرا». وأوضح محمد بن جريد أن قرية عمق لا تبعد عن مركز الشميسي سوى بضعة كيلو مترات، وهي من الضواحي القديمة -جنوبي العاصمة المقدسة- حيث نشأت منذ ثلاثة عقود تقريبا، كما أن ما يربو على 85 في المئة من سكانها من محدودي الدخل الذين وجدوا فيها مكانا مناسبا للسكن يتناسب ومقدراتهم المالية، وكذلك يقطنها عدد من أبناء القبائل التي كانت من سنوات طويلة تعيش حياة البادية في محيطها قبل الاستقرار في المدن، مبينا أن النقص الذي تعانيه أحياء منطقة عمق في جانب الخدمات الأساسية للبنى التحتية، كالكهرباء والمياه والهاتف، تسبب في إثقال كاهل السكان وتحملهم مبالغ إضافية لشراء المولدات الكهربائية وصيانتها وقت الأعطال، مشيرا إلى أن انعدام وجود مركز للشرطة أو الجهات المعنية بالشأن الأمني ساهم في توافد عدد كبير من الجالية المخالفة والمجهولة التي أصبحت تثير انزعاج وقلق المواطنين وتبعث في نفوسهم هواجس الخوف؛ نظرا لتزايدهم اللافت، خصوصا أن هناك عددا من السكان تضطرهم ظروف العمل أحيانا إلى الغياب عن منازلهم لساعات طويلة، مما يتولد لديهم الخوف على أبنائهم من انتشار العمالة السائبة، لذا يجب على الجهات المعنية إيجاد آلية عاجلة تضمن الارتقاء بالمستوى المعيشي من خلال تزويد المنطقة بالخدمات أسوة ببقية المناطق الأخرى وإنشاء مركز للمرور لإيقاف ظاهرة المركبات والدراجات النارية التي زادت أعدادها ولا تحمل لوحات رقمية. وشكا محمد العتيبي من قسوة الظروف المعيشية التي يعانيها السكان والخسائر المالية التي تحملوها لإصلاح مولدات الكهرباء التي تعمل على الوقود وتشهد أعطالا كثيرة خصوصا في أشهر الصيف، مضيفا: «المولدات تعمل في ساعات معينة حيث تتوقف من الثامنة حتى الحادية عشرة صباحا ثم تتوقف في الساعة الخامسة عصرا حتى التاسعة مساء؛ مسببة تلف العديد من الأجهزة الكهربائية في المنازل، والمنطقة تشهد كثافة كبيرة ونموا للسكان عاما بعد آخر، ولا تزال تفتقر للخدمات الضرورية كالكهرباء والمياه وليس فيها مركز للشرطة أو تواجد للدوريات الأمنية، وهذا ما سهل على المخالفين والمتسللين من جنسيات عدة الاستقرار فيها ومخالفة الأنظمة إلى حد بلغ بالبعض منهم إلى فتح محلات للنجارة والحدادة دون ترخيص وقيادة مركبات وشاحنات مجهولة لا تحمل لوحات رقمية لإثبات الملكية». وتساءل سلطان الروقي عن عدم شمول قرى وهجر عمق بالخدمات التي باتت تنفذ في أغلب القرى والهجر في أرجاء المملكة، وقال: «نحن في عمق بلا ماء ولا كهرباء ولا هاتف ولا مركز للشرطة رغم توسط المنطقة محافظة جدة والعاصمة المقدسة»، لافتا إلى أن التوجيهات السامية الخاصة بإيصال الخدمات للهجر والضواحي تنطبق نصا على الوضع في قرى وأحياء عمق ولكن لم تشملها رغم اختراق أبراج الشبكة الكهربائية لأحيائها. بدوره، كشف مصدر في أمانة العاصمة المقدسة في تصريحات سابقة وجود لجنة مكلفة بإيجاد آلية تنظيمية لضاحية عمق جنوبي مكةالمكرمة، مشيرا إلى أن المباني المقامة في المنطقة تقع في أراضٍ مملوكة لوزارة المالية وهي من المناطق المصنفة لدى الأمانة من ضمن المناطق العشوائية. وأكد المصدر أن إيقاف إيصال الخدمات إلى هذه الضاحية كون (عمق) تقع ضمن أراضي وزارة المالية بصك شرعي واستوطنها بعض المواطنين منذ فترة طويلة. وقف الخدمة أكدت الشركة السعودية للكهرباء في إيضاح «سابق» توقفها عن إيصال الخدمة الكهربائية والتمديدات لقرية عمق لانتظار حسم بعض الإجراءات النظامية، مشيرة إلى حرصها على إيصال الكهرباء إلى المخططات السكنية في إطار مساعيها الرامية لخدمة مشتركيها بالتنسيق مع الجهات المسؤولة.