تعيش قرى عمق، الرياض، الفيحاء، والبيضاء (جنوبمكةالمكرمة) على أمل اللحاق بركب الحياة المدنية في أبسط أشكالها، المتمثلة في الكهرباء، الماء، التعليم، الصحة، والطرق. وسلطت قضية تغييب 320 طالبة وطالبا من قرى عمق عن المدرسة، جراء خشية أولياء الأمور من تعرض أبنائهم لحوادث سير مرورية توالت على مدار الأعوام الماضية، الوضع على القرى التي ترزح تحت وطأة البدائية. وفشلت إدارة تعليم العاصمة المقدسة في إقناع أولياء الأمور بإرجاع أبنائهم إلى المدارس التي تبعد عن قراهم مسافة 35 كيلو مترا، مطالبين أولياء الأمور الإدارة بتوفير مدارس تحتوي أبناء القرى الثلاث البالغ عدد أسرها 600 أسرة. ولا يزال الحزن واضحا على محيا سكان عمق إثر فقدانهم لاثنين من أبنائهم في حادث سير أخيرا، وهما في طريقهما إلى يوم دراسي جديد. ولكن رب ضارة نافعة، إذ بدأ السكان عقب هذه الحادثة في توسيع دائرة مطالبهم المقتصرة على الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم من الجهتين المعنيتين. وكشف تقرير وجهته جهة حكومية إلى إمارة منطقة مكةالمكرمة عن تضمن قرى منطقة عمق 600 منزل آهل بالسكان، و679 استراحة، و666 باحة (حوش). فيما يبلغ عدد المحلات التجارية 144 محلا، وخمس محطات وقود، 26 مزرعة، ومدرسة بنين ابتدائية، و20 مسجدا. وأوضح التقرير أنه تم صدور أمر سامٍ برقم ( 4067 / م) في 22 ربيع الأول العام 1426ه، يقضي بإيقاف الإزالة عن المنطقة، وتشكيل لجنة من الإمارة والبلدية والشرطة بموجب أمر إمارة منطقة مكةالمكرمة البرقي رقم (أ م / 44617) في 26 من صفر العام 1426ه. ولازالت اللجنة المشكلة قبل خمسة أعوام، تدرس وضع التعديات المشار إليها في الأمر السامي. ويروي حبيب العتيبي من سكان قرى عمق قصة تشكل هذه القرى حين انتقل إليها برفقة والده في العام 1385ه، قائلا «كانت المنطقة رعوية يقطنها العديد من أبناء البادية يمتهنون الرعي والزراعة، ويتدثرون من برد الشتاء، وهجير الصيف في خيامهم التي تحولت بعد النهضة التي عمت البلاد إلى بيوت من الطين والصفائح الحديدية». من جهته، يقول محمد بن جريد إنه لا يعتقد قدرة السكان على مقاومة ومواجهة حرارة الصيف وبرودة الشتاء في ظل انعدام الكهرباء التي تعم شبكتها بشكل واضح جميع أجزاء منطقة عمق، لكن بدون تيار. ويضيف ابن جريد «رغم أن شروط إيصال التيار الكهربائي متوفرة لدى سكان القرى والهجر في عمق، داعيا الجهات المعنية إلى معالجة الوضع الذي وصفه ب«المزري»، كاشفا عن توجه السكان بالتقدم بشكوى جماعية إلى القضاء لإنصافهم. فيما يشير قطين العالي من سكان عمق إلى تكبد السكان خسائر مالية نتيجة المبالغ التي يدفعونها لإصلاح مولدات الكهرباء التي تعمل على الوقود ما تسبب في انقطاعات مستمرة، وإرباك لدورة الحياة داخل المنازل. ويضيف العالي، إن المولدات تعمل في ساعات معينة، حيث تتوقف من الثامنة حتى الحادية عشرة صباحا، ثم تتوقف في الساعة الخامسة عصرا حتى التاسعة مساء، مسببة تلف العديد من الأجهزة الكهربائية في المنازل. بينما يستغرب حسين الروقي في العقد السابع من عمره، عدم شمول قرى وهجر عمق من الخدمات التي باتت تنفذ في أغلب القرى والهجر في أرجاء المملكة أخيرا، مضيفا «نحن في عمق بلا ماء ولا كهرباء ولا هاتف رغم توسط المنطقة محافظة جدة، والعاصمة المقدسة وقرى ومحافظة الليث».