عامان يمضيان أمام أعين السوريين.. والدم هو الصورة الأكثر نصوعا.. عامان خانا الشعب السوري في الحصول على ربيعه «المنشود».. أكثر من 100 ألف قتيل من كل الأعمار.. ولا أفق سياسيا للحل.. نصف البلاد مدمرة والخوف من المجهول يتعاظم.. فأين السبيل للخروج من معركة سورية، وسط انقسام عالمي لم يشهد له التاريخ مثيلا.. فإلى متى يبقى الأسد موغلا بالقتل والدمار.. لا أحد يستطيع الجواب على هذا السؤال المحير.. لكن التوقعات أن المعركة في سورية هي كسر عظم ولا مجال للحلول الوسط. أغلق جوشوا لانديس مدير مركز السلام في جامعة أوكلاهوما في حديثه ل«عكاظ» كل احتمالات الحل للأزمة السورية.. بقوله: «لا يمكن تصور الحل السياسيي في سورية». وقال الباحث المتخصص في تاريخ سورية الحديث في استطلاع ل«عكاظ» بمناسبة مرور عامين على الثورة السورية إن الحرب ستستمر بين قوات النظام والمعارضة، حتى يسقط نظام الأسد، مبررا ذلك أن العلويين يعتبرون أن وجودهم مرتبط بنظام الأسد، فيما ترى المعارضة أن الثورة وصلت إلى نقطة اللاتراجع ولا بد من إسقاط الأسد. ووصف لانديس الموقف الأمريكي ب«المتهرب» من الأزمة السورية، مؤكدا أنها لن تتدخل بشكل مباشر في الأزمة السورية، رغم أن العالم كله ينتظر أن تتقدم المشهد وتتقدم عسكريا. واستعرض الموقف الأمريكي حيال الأزمة السورية بالقول إنه تاريخيا لا يوجد أي نفوذ وأي علاقات متقدمة بين الولاياتالمتحدة وسورية، وبالتالي فإن واشنطن لا ترى وجود أدنى مصلحة في التدخل في سورية. وأضاف أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تقدم في كل مرة المبررات لعدم التدخل العسكري في الأزمة، تارة تبرر ترددها بالموقف الروسي وتارة بتصاعد نفوذ المتطرفين، وهي في نهاية المطاف لا تريد أن تدخل في هذا المستنقع. وفور قراءته للموقف الروسي، لم يستبعد البروفسور لانديس أن تدعم روسيا ما يقال عنه دولة «علوية» في المناطق الجبلية؛ لأن ذلك هو الطريق الوحيد لروسيا لتبقى لاعبا رئيسيا في الأزمة السورية. وأضاف أن هذا الأمر ينطبق على إيران التي تدعم بدورها هذا التوجه، محذرا من هذه الخطوة التي يعتقد بها البعض، عبر تمركز العلويين في الجبال وتكون لبنان خط الإمداد عبر حزب الله وإيران. أما الموقف الإسرائيلي، فأوضح لانديس أنها تخشى من التغيير المستقبلي، ومتأكدة من أن الأسد لم يعد قادرا على الحكم. من جهته، أكد جيمس دينسلو الباحث في معهد شاثام هاوس البريطاني، ومختص في شؤون الشرق الأوسط أن أفضل وصف للصراع الآن بعد مضي عامين على الأزمة هو أنها حرب أهلية، وحرب بالوكالة، مشيرا إلى أن النظام على مقربة من الانهيار ولم يعد قويا بما يكفي لاستعادة السيطرة على مناطق واسعة من البلاد التي خرجت عن سيطرته. وأضاف «هناك الآن ما يقدر ب 8 ملايين سوري يعيشون خارج سيطرة الحكومة ولجوء النظام إلى الصواريخ البالستية ضد أكبر مدنها حلب يعكس مستويات جديدة من العنف». وحول الموقف الدولي من الأزمة، أشار إلى أن الحل في الأزمة السورية أن يتخذ المجتمع الدولي نهجا مشتركا لوقف حمام الدم، معتبرا الانقسام في مجلس الأمن أحد الأسباب المباشرة لاستمرار الأزمة. واستبعد دينسلو التدخل العسكري المباشر للولايات المتحدة، كما حدث في أفغانستان والعراق، ولكنها قد ترفع مستوى الدعم، كما يحدث الآن وتعمل على تدريب مقاتلي المعارضة في الأردن وتركيا. وحذر من تنامي نزعة التطرف في صفوف الثوار، خصوصا وأنها أصبحت أكثر فاعلية على الأرض، إلا أنه خفف تأثيرها على المجتمع السوري. من جهته، رأى أندرو تابلر الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى والمختص في الشأن السوري، أنه لا أحد يعتقد بجدوى الحل السياسي على المستوى الدولي. وأضاف أن كل الدول المعنية بالأزمة تدرك تماما أن الأزمة السورية لا يمكن حلها بالطرق السلمية والمفاوضات مع النظام، خصوصا بعد كل هذا الكم من القتل والتدمير. وأشار تابلر إلى أن الأزمة السورية أثبتت ضعف المجتمع الدولي و«براغماتيته» التي كشفت تقاعسه الأخلاقي، معتبرا أن الدول الغربية التي تتذرع بالتطرف مسؤولة عن تدهور الأوضاع في المنطقة عموما.