عاشت اليتم منذ طفولتها، فقد توفيت عنها والدتها، وقبل أن تتقن الكلمات لحق والدها بوالدتها، وتركها وحيدة لم يتجاوز عمرها حينها الأربع سنوات، فتكفل بها عمها، فهي بلا أشقاء أو شقيقات، ولأن عمها طاعن في السن ودخله محدود جدا، زوجها وعمرها لم يتجاوز الثانية عشرة، كان كل همه وتفكيره أن يؤمن لها رجلا يحميها من غدر الزمان، فالأعمار في علم الغيب وبيد الله، ولم يجد خيرا من ابنه أقرب الأقربين. ترعرعت المواطنة (أ. م .ف)، في بيت زوجها كطفلة، قبل أن تنجب له أربعة أطفال بين ذكور وإناث، ومنذ الوهلة الأولى من حياتها معه عاشت أقصى حدود المعاناة والقسوة، هكذا تقول (أ. م. ف)، وبسبب تلك المعاملة التي كانت فوق طاقتها، طلبت الطلاق. تقول (أ. م. ف): «كان يضربني بقسوة ودون أدنى رحمة، ويطلقني دون أن يثبت ذلك الطلاق في المحكمة، وعندما ضقت ذرعا هربت من المنزل بعد أن أنجبت منه بنتا وولدا مصابا بإعاقة تتمثل بشلل الأطراف وتلف بخلايا الدماغ»، واستطردت تقول: «توجهت لمنزل إحدى صديقاتي، التي نصحتني باللجوء للقضاء، فتوجهت للمحكمة الجزئية بجدة فرفعت قضية طالبة فسخ نكاحي بعد أن تلفظ علي بالطلاق»، فطلب القاضي إحضار زوجي، لكنه كان يماطل ولا يحضر، وبعد عدة أشهر قاربت السنة حضر لينفي تلفظه علي بالطلاق وضربي، ثم حاول القاضي إصلاح ذات البين، فعدت له لأملي في أنه عدل من تصرفاته تجاهي، لكنني تفاجأت بأن عنفه قد زاد أكثر من قبل، كان يضربني باستمرار، فهربت مرة أخرى، فواجهتني معضلة مصاريف الإيجار ومعيشة أطفالي، خاصة أن بينهم طفلا معاقا»، وأضافت: «لجأت إلى الجمعيات الخيرية، إلا أنهم طالبوني بإثبات لحالتي، ولم أجد من يساعدني على إظهارها. لذلك توجهت لأحد الأربطة الخيرية بجدة واستقررت فيه مع أطفالي، ثم توجهت للمحكمة طالبة فسخ النكاح، لكنني لم أحصل على شيء سوى مواعيد متباعدة». توقفت (أ. م .ف) عن الكلام وظلت تبكي بحرقة، فالعبرة تخنقها، ورويدا رويدا عادت للحديث فقالت: «الآن وقد قاربت قضيتي في المحكمة على الخمس سنوات ولم يبت فيها، وزيادة على ذلك فإنه لا يسأل عن ابنيه ويرفض مطالبتي له بالنفقة عليهما، وفوق هذا وذاك طلب إعادة المهر في حال إصراري على فسخ النكاح، و(المضحك المبكي)، أن مهري كان خمسة آلاف ريال فقط، وقد أخذه مني بعد الزواج مباشرة لمساعدته على تسديد التزاماته المالية التي ترتبت على زواجه، كما ادعى». وتشير (أ. م. ف)، إلى أن طفلها يحتاج لرعاية طبية متخصصة وعناية منزلية بسبب التشنجات التي تداهمه على مدار الساعة، ما يترتب عليه ضرورة أن تجد مساعدة مالية من الميسورين ومن الجهات الحكومية، وإيجاد سكن يؤويها وطفليها. من جهته أكد مصدر بالمحكمة الجزئية بجدة بأن المواطنة (أ. م. ف) تطالب منذ فترة زمنية بفسخ نكاحها وقد صدر مؤخرا حكم من أحد القضاة -تحتفظ عكاظ باسمه- بأن تعتبر عدتها منذ مراجعتها الأخيرة، وقد أعطيت موعدا آخر لمراجعة المحكمة للبت في قضيتها.