إذا كانت التقنيات الإلكترونية الحديثة سهلت كثيرا أمور الناس ووفرت عليهم عناء الانتقال من مكان إلى آخر لإنجاز معاملاتهم، فإن وقعها على كبار السن والأميين يختلف تماما حيث يعتبرون أنها تحول دون إتمام معاملاتهم في الدوائر الحكومية خصوصا في ما يتعلق بسداد الرسوم الخاصة بمعاملاتهم عن طريق الانترنت أو الصراف الآلي، بحكم أميتهم وعدم وجود أبنائهم في أمكنة إقامتهم، ما يتسبب في تأخيرها، خصوصا في مكتب العمل الذي لا يجيزها قبل استيفاء شروطها كاملة ومن ضمنها إشعارات السداد الإلكترونية إضافة إلى الجوازات التي تنتهج نفس النهج مع المراجعين من كبار السن. «عكاظ» التقت عددا من كبار السن من مراجعي مكتب العمل في أبها وسألتهم عن كيف يتعاملون مع هذه التقنيات في إنجاز معاملاتهم، فأبدى عبدالرحمن الألمعي (ستيني) تذمره من اقتصار إنجاز المعاملات على المراجعين الذين يجيدون استخدام التقنية الحديثة لإنهاء شروط معاملاتهم. وقال "لدي عامل أريد استخراج إقامة نظامية له، وطلب الموظف في مكتب العمل أن أقوم بالتسجيل في موقع وزارة العمل باسم مستخدم، وكلمة سر حتى أتمكن من استخراج كرت العمل للعامل الذي أحضرته على كفالتي، فأبلغته بأني لا أجيد القراءة أو الكتابة، فرفض تسليمي كرت العمل الاّ قبل نهاية المهلة المقرّرة من قبل الجوازات بيوم واحد فقط، أما قبل ذلك فعلي إنهاء مسألة كرت العمل عن طريق الإنترنت، وأبنائي موظّفون في مدينة أخرى وليس لدي الآن من يساعدني في استخدام الانترنت لطباعة فاتورة كرت العمل ومن ثم سدادها عن طريق الصراف". وأضاف أن جسمه النحيل لم يعد يحتمل الذهاب إلى المحكمة وتفويض معقّب، فهذه اجراءات لم يعد يقوى على احتمالها بسبب كبر سنه، مطالبا المسؤولين في مكتب العمل بإبداء المرونة مع كبار السن واستثنائهم من هذه البيروقراطية المتعبة لنا على حد تعبيره. ووافقه في ذلك عثمان الغامدي الذي قال إنه عجز عن طباعة استمارة إصدار الإقامة الخاصة بالسائق، عن طريق الموقع الالكتروني للمديرية العامة للجوازات، وأضاف أنه حينما ذهب إلى أحد المعقّبين لإنجاز معاملته، طلب منه مبلغا كبيرا نظير ذلك، مستغربا من اعتبار أن جميع مراجعي الجوازات أو مكتب العمل يتقنون استخدام التقنية الحديثة، مضيفا أنه لا يعرف حتى كيف يقوم بصرف راتبه التقاعدي عن طريق الصراف الآلي، فكيف بادخال بيانات جواز السفر والخطوات التابعة لها لتسديد رسوم الاقامة وكرت العمل. من جانبه، اشتكى صالح الشمراني من ارتفاع رسوم إصدار وتجديد الإقامات وروتينها الطويل والمعقّد، مشيرا إلى أن الكفيل يدفع رسوم استقدام 2000 ريال في بداية الأمر وبعد وصول العامل يدفع 700 ريال رسوم التأمين الطبي، إضافة إلى سداد 100 ريال قيمة مكتب العمل، وأخيرا سداد 650 ريالا منها 500 ريال رسوم إصدار الاقامة لمدة عام، و150 ريالا للموارد البشرية. وأضاف أن الكفيل يتحمل قرابة 3500 ريال لاستقدام عامل، وهذا بلا شك مبلغ كبير على أصحاب الدخل المحدود. إلى ذلك، قال مصدر مسؤول في مكتب العمل في أبها طالبا عدم ذكر اسمه، إن الازدحامات الشديدة التي يشهدها مكتب العمل، من المراجعين سببها قيام بعضهم بتأجيل إصدار وتجديد جوازات مكفوليهم إلى ما قبل انتهاء المدة المقررة لهم، ما يؤدي بطبيعة الحال إلى تكدس أعداد كبيرة من المراجعين. مكاتب الخدمات أما في ما يخص معاناة كبار السن مع الانترنت في إنهاء اجراءاتهم، قال إن مكاتب العمل ليست هي من وضع تلك الأنظمة الحديثة وإنما وزارة العمل هي من ألزم المكاتب بتطبيقها، مستدركا بالقول إن مكاتب الخدمات قد تنهي معاناة من يجهل استخدام الحاسوب وبرسوم رمزية، وهو يتسلمها جاهزة دون أن يكبد نفسه عناء الذهاب والإياب لإنهاء معاملاته.