لم يعد جبلا شدا الأعلى والأسفل الشاهقا الارتفاع صعبي المنال وعصيين على صعود قاصدهما كما كانا قبل عشرات السنين، حيث ساهمت مشاريع الطرقات الجديدة في تقريب المسافات وتسهيل الوصول إلى أعلى قمم الجبل الذي يجاوز ارتفاعه 1000 متر عن سطح البحر. ولأن سفوح وقمم الجبلين تشهد هذه الأيام أجواء معتدلة، قصد الكثير من سكان المخواة وقلوة ومراكزها وقراها التوجه إليها من أجل الاستمتاع بأوقات ساحرة وممتعة، بأجواء معتدلة على سفوح وقمم جبل شدا الأعلى ومغاراته الجميلة وبيوتاته المبنية على طريقة أهالي شدا، والاستمتاع بهذه المشاهد الخيالية، التي لم يعد يفصلهم شيء عن الوصول إليها سوى مسافات قصيرة جدا لا تتجاوز النصف ساعة، ما يتيح للراغبين فرصة الصعود إلى أعلى قمة بعدما كان صعودها حكرا على أصحاب سيارات الدفع الرباعي أو ما يعرف محليا ب «الجيوب». «عكاظ» قصدت الجبل واستمتعت بسحر جماله، والتقت عددا من الأهالي الذين كانوا يستمتعون بدورهم بالأجواء المعتدلة، حيث قال أحمد صياح: إن مشاريع الطرقات الجديدة والأجواء المعتدلة التي تشهدها سفوح جبلي شدا الأعلى والأسفل، ساهمت في توجيه بوصلة الباحثين عن الجو المعتدل باتجاه الغرب، حيث يمم الكثيرون نحو شدا الرابض على صدر تهامة الرحب. وأضاف أن الكثيرين يفضلون الذهاب إلى قممه للاستمتاع بالأجواء الجميلة، والاجتماع سواء مع زملاء العمل أو الأسرة والأبناء أو الرفاق، حيث الهدوء والنسائم العليلة التي تزيد من حلاوة جلسات الصباح ومن سحر جلسات السمر. وأضاف: نصطحب معنا الذبائح وأدوات الطبخ، ونشعل النار ونطبخ على الحطب ونستمتع بشرب الشاي المعد على الجمر ونحتسيه بلذة فوق الصخور المطلة على المزارع وعلى أودية تهامة. أما فيصل عبدالله وسعد آل حيان فأشارا إلى أن الطرقات التي تصل المخواة وقلوة بجبلي شدا، تشهد ازدحاماً في نهاية كل أسبوع، حيث يؤدي الإقبال المتزايد على صعود الجبل إلى كثافة شديدة، مشيرا إلى أن ذلك يحدث رغم غياب الحدائق وملاعب الأطفال والمظلات وحتى الشقق. من جانبه قال رمزي العمري: إن أهالي المخواة يقصدون جبال شدا نظرا لأن الأماكن هناك أشبه بلوحة جمالية تجذب العشرات من الزوار، إضافة إلى أن المغاور والبيوتات والمزارع وطريقة بناء المساكن تحكي الكثير عن سيرة إنسان هذا الجبل ومهاراته وقدراته، فيما أشار أحمد آل عجير، إلى أن طبيعة الجبل وغرائبية صخوره وارتفاعه الشاهق جعلت منه قبلة لهواة التصوير والفوتوغرافيين، حيث يجد هؤلاء اللقطات النادرة والغريبة والمميزة والأجواء الساحرة. إلى ذلك أكد مشرف رمزي عضو رابطة شباب المخواة للتصوير الضوئي أن جبلي شدا وسهولة الوصول إليهما جعلاهما قبلة للهواة، حيث تقام مخيمات كشفية ورحلات استكشافية، وكذلك استضافة زوار المنطقة على سفوح الجبل، التي كان آخرها استضافة المشاركين في ملتقى «فوتوغراف 5» الذي نظمته جمعية الثقافة والفنون في الباحة. من جانبه قال بندر العُمري عضو الرابطة، إنه ورفاقه من أبناء تهامة يتوجهون نحو جبال شدا لرصد حركة النجوم وبعض الظواهر الطبيعية كالخسوف والكسوف ونحوهما. في المقابل أشار كل من عمر عبدالله، ومحمد آل صافي، وسعد المسوادي إلى أن هذه الأماكن تفتقر إلى الاهتمام الرسمي من جانب الجهات المعنية بالشأن السياحي، وأضافوا أنه رغم هذا الإهمال فتلك الأماكن تتكئ على جمال بكر وطبيعة ساحرة وإطلالة تأسر الألباب، ولكنهم يرون أنه بقليل من الاهتمام ستكون هذه المنطقة واحدة من أفضل مناطق الجذب السياحي في المملكة. من جانبه قال عبدالرحمن سويد إنه رغم غياب المطاعم والاستراحات، فإن ذلك لا يمنعنا من التوجه نحو قمم جبال شدا الساحرة للاستمتاع برحلة مبهجة مليئة بمعاني الجمال والروعة. إلى ذلك يرى أبناء القرى والأودية المجاورة لشدا، مثل مليل وسقامة وقدران ونيرا وناوان التي تقع في أحضان جبال شدا من الجهتين، في قامة هذا الجبل المهيبة سحرا خاصا، ويجدون في منعرجاته لذة لا توصف، لذا فهم لا يفوتون هذه اللحظات، حيث يحرصون على تناول شاي العصرية هناك، كما يقول عبدالله العُمري، مؤكداً أن أجواء الجبل هذه الأيام تجشذبهم، مشيرا إلى أنه في إجازة نهاية الأسبوع يكون للتنزه في هذه الأماكن سحره الخاص، لأن المناظر الطبيعية خلابة والأجواء عليلة ومشهد الغروب المهيب محفزة على قضاء ساعات العصرية هناك. أما فيصل جمعان فتمنى المزيد من الاهتمام بالمواقع السياحية التي تمثل كنزاً سياحيا مهملاً على حد وصفه، وقال أتمنى أن تكون هناك برامج جاذبة ضمن مهرجانات الصيف تقام على سفوح قمم جبلي شدا الأعلى والأسفل، مؤكدا أن هذين الجبلين الشاهقين يمثلان إضافة كبيرة للسياحة المحلية. خدمات بلدية قال عبدالرحمن الحمياني رئيس مجلس بلدي المخواة ل«عكاظ»: إن فريقا من المجلس زار مركز شدا للوقوف على احتياجاته البلدية، والتقى أعضاؤه برئيس المركز والأهالي، مشيرا إلى أن الفريق سيستعرض نتائج الزيارة في اجتماع خاص من أجل تقديم المزيد من الخدمات البلدية لأهالي وزوار شدا لما يمثله الجبل من أهمية سياحية.