المجتمع حراك يومي يسير بشكل عفوي نحو الصباحات المليئة بالكفاح، والأخبار، والأحداث، والأصوات، والشخصيات وحين تقف للحظة تأمل.. ستجد نفسك في رواية الحياة المكررة، وفي ذات العجلة، وإن تباعدت بينها الأزمان وجددتها ولمعتها التقنية.. فحواها البحث عن لقمة العيش، أو البحث عن جديد يستجدي ماضيه التليد.. حين تصعب عليه مسألة في رياضيات الحاضر، أو كباحث يقرأ تاريخ العصر بذاكرة شيخ مسن يمتطي خياله نحو قصيدة يجترها حين هربت عصاه منه في شرفات قصر عتيق، أو جدتي التي صبت جام غضبها على الجيل الجديد وثقافته وكيفية تعاطيه مع جديد التقنية وإن كان جميلا، وابتعادهم، أو ابتعادهن عن جلسات العائلة، وبعفويتها وصفت الواتس آب بأنه سالفة «تيس أب..» يفرض شخصيته على جميع القطيع، ويفرض طقوسه ودكتاتوريته، وإن أضحت إدمانا لدى الكثير منا فضلا عن شبابنا، وبناتنا.. بل وغزت الكبار والصغار والرجال والنساء.. فلا تكاد تمد بعينيك إلا وترى السيد الواتس آب عند الإشارات، وفي الأسواق، والمجالس، والمناسبات، وذاك الذي يذم السيد «واتس آب»، وفجأة رسالة تصرخ السيد «واتس آب».. في جواله.. كالنكتة، أو الطرفة التي كانت تلقى في الطرقات والمقاهي الشعبية، وتلقفتها الآفاق، والقفار، والأمصار.. هي نفسها نكتة، أو طرفة الحاضر في الواتس آب؛ كي تتندر على واقعها، وإن كان مؤلما مريرا.. صديقنا الجديد.. من أصول كبائن الهاتف، وتليفون الثابت، والتلفاز، والراديو، والمحطات الفضائية، والجوال في شكله القديم ورسائله النصية أو الوسائطية.. وصراع القديم والجديد.. وإسقاطات الماضي.. ورفض كل جديد، ومحاولات التقزيم، والتشويه.. السيد واتس آب.. هو نقلة نوعية في حاضرنا، وهو لغة تواصل بين الأسرة، والأصدقاء قريبا، أو بعيدا.. وهو ثقافة جيل.. ثقافة خفيفة جديدة تجعلك في الحدث دوما وفي العالم باستمرار.. بل تطور مجتمعنا السعودي إلى المشهد الإعلامي بشكل كبير.. وأصبح أكثر إلماما من ذي قبل.. وصاحب رؤية نقدية.. وأكثر قراءة، واطلاعا، وتفاعلا مع الإعلام ويساهم في انتشاره وتوسعه الكبير.. وهذا ما جعل الكثير يمارس النظرة التطبيقية بين ما يطرح، وما يراه، وما سيكتبه، وهذه قمة التواصل والفائدة الكبرى.. ناهيك عن دور وسائل التواصل الاجتماعي في هذا التفاعل الكبير، وإن كان هذا على حساب الأسرة، وعلاقتها الوطيدة بأبنائها وبناتها على حد السواء، وهذا ما كانت ترفضه جدتي جملة، وتفصيلا.