سألناه في البداية: (يوم العمل .. يبدأ بعد صلاة الفجر) بحكم قربكم من الملك كيف يقضي يومه في هذه الفترة؟ الملك عبدالله يصحو مبكراً وبعد أداء صلاة الفجر يكثر من الدعاء ثم يقرأ القرآن الكريم لفترة طويلة، وبعدها يأخذ قسطا من الراحة، ثم يصحو نحو الساعة الثامنة والنصف، ويؤدي صلاة الضحى، وبعدها يتناول الإفطار، ويطلب المعاملات، حيث يحضرها له معالي رئيس الديوان الملكي الأخ خالد التويجري، ويبدأ يناقشه في كثير منها، حتى وقت صلاة الظهر، وبعد أداء الصلاة يستكمل النظر والبت فيما يعرض عليه حفظه الله حتى أذان العصر تقريباً، قد تكون هناك اتصالات هاتفية أو استقبالات وفق ما هو مدرج في برنامجه يحفظه الله. وفي المساء يبدأ التدريبات الرياضية المقررة له ويحاول أن يمشي أطول مدة ممكنة، وهكذا يسير برنامجه اليومي. (الظلم يغضب الملك) متى يفرح الملك ومتى يغضب؟ الملك عبدالله يفرح إذا رأى المواطن السعودي قدم عملا جيدا، وإذا رأى المواطن عمل شيئا يُغضِب، فإنه يتأثر ولكنه يكتم تأثره، وهذه مشكلته الأساسية أنه يحاول أن يخفيها في نفسه ولا يحاول إظهار ذلك، ولو أظهر ذلك يكون بطريقة لا تبين أنه غاضب، وأكثر شيء يغضبه هو الظلم، وعلى هذا الأساس دائما يحب أن يكون فيه عدل، وأكثر ما يغضبه التجاوز في حدود الله، وكذلك التجاوز في حقوق الوطن والمواطن، فكلها أمور تستدعي غضبه. (حب المواطن لن يصل إلى حب الملك له) عايشتم العارض الصحي الذي حصل لخادم الحرمين الشريفين مؤخرا، كيف لمستم مدى التلاحم بين القيادة والشعب في هذا الظرف بالذات؟ الحقيقة.. أنه وكما قال المثل: رب ضارة نافعة. الحمد لله رب العالمين أنا أريد أن أتكلم هنا عن الملك عبدالله، ليس كوالد لي وحدي، وإنما كوالد لكل مواطن سعودي نحمد الله سبحانه وتعالى الذي وضع محبته في قلب كل مواطن سعودي، ولكن أريد أن أقول: والله لو امتدت مشاعر المواطن السعودي في محبة عبدالله بن عبدالعزيز ، فإن ذلك لا يصل إلى جزء من محبة عبدالله بن عبدالعزيز للمواطن السعودي. هذا شيء متأكد منه تماماً، فهو إنسان قبل ما يدعو في صلاته لأبنائه وأهله يدعو للمواطن السعودي، وأول ما يستيقظ يسأل عن المواطن السعودي، وأول من يفرح بأي شيء هو إذا سمع خبرا جيدا عن المواطن السعودي.. إنسان حياته كلها الدين والوطن. وأنا لم أقابل مواطنا سعوديا إلا ويتكلم عن عبدالله بن عبدالعزيز وعن محبته لعبدالله بن عبدالعزيز، لكن اليوم وأقولها بكل صراحة إنهم مهما كانوا يشعرون أن عبدالله بن عبدالعزيز يحبهم فهم لا يستطيعون أن يدركوا مدى عمق محبته لهم، صدقني وأقسم بالله العظيم أن عبدالله بن عبدالعزيز يحب هذا الوطن والمواطن أكثر من نفسه وأبنائه، وعندما كان ينوي إجراء العملية وبعد العملية لم يكن يهمه غير المواطن، نحن رأينا ذلك عندما كان في المستشفى. وعندما رأينا أن المدة سوف تطول قليلا فتحنا مجلساً كبيراً كان يمتلئ كل ليلة بالآلاف ممن أسعدونا برؤيتهم وصادق محبتهم، دافعهم فقط هو الاطمئنان على صحة سيدي يحفظه الله وكانت زياراتهم لنا بشكل تلقائي وعفوي، وشكلت لنا بلسما وسعادة غامرة عبر المشاعر الإنسانية الصادقة التي نجدها ونلمسها ونتعايش معها في كل الظروف، مع أننا كنا نبلغهم أن المكالمة الهاتفية تكفي، لكن لا يقبلون ذلك، وكنا نجد الطاعنين في السن وذوي الاحتياجات الخاصة والنساء والأطفال كلهم يدفعهم نفس الدافع ونفس القدر من المحبة. لهذا أقول لجميع من زار أو اتصل أو أرسل برقية أو رسالة أو عبر وسائل الإعلام سواء من أصحاب الفضيلة والمشايخ علمائنا الأجلاء أو من أصحاب السمو الأمراء أو الوزراء والمسؤولين ولجميع المواطنين رجالا ونساء كبارا وصغارا إنني لا أجد العبارات التي تفيكم حقكم من الشكر والعرفان، ولكنني أسأل الله العظيم أن يديم على بلدنا نعمه ومنها نعمة المحبة، وهذه اللحمة بين الراعي والرعية في الأول والأخير هي لصالح الوطن. وأنت اليوم عندما تعرف أن الملك الذي هو ممثل لك وممثل للدولة يسعى لمصلحتك، فحتما ستكون مرتاحا واليوم هناك صعوبات تواجهه بعض الأحيان في أشياء معينة وهو يحاول أن يحلها، ولم يمر علينا في يوم من الأيام في مجلس الوزراء إلا ويقول للوزراء: لا بد أن تنزلوا للمواطنين، وأن تقابلوا المواطنين، وتعرفوا مشاكلهم واحتياجاتهم، وأنا عن نفسي ونيابة عن زملائي وإخواني الوزراء نتمنى إن شاء الله أن نكون في مستوى ما يسعى له خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله. (انعكاسات قراراته على المواطن) وما هو الهم الأكبر الذي يشغل بال الملك؟ الملك عبدالله، سواء كان مريضا أو معافى أو سعيداً أو متضايقا، فإن شغله الشاغل هو المواطن السعودي إذا كان ينظر إلى السياسة الخارجية ينظر كيف كان تأثيرها في الشعب السعودي، وإذا كانت هناك فكرة يريد عملها يسأل كيف يكون تأثيرها في المواطن السعودي؟ (يتألم لرؤية السوري يُقتل بأيدٍ سورية) وماذا عن تفكير الملك هذه الأيام في أحداث سورية؟ من أهم ومن أحب الدول إلى قلب خادم الحرمين الشريفين سورية، والملك عبدالله لم يأل جهدا في سبيل رأب الصدع بين المتناحرين، إذ في بداية المشكلات والأحداث أرسل من الخطابات ما لا يعد ولا يحصى إلى الرئيس السوري، أرسل أشخاصا يقابلونه، عددا ليس بالقليل، وأجرى اتصالات هاتفية متواصلة للتنبيه إلى خطورة الوضع في سورية، ولكن مع الأسف دون جدوى. والملك يشعر بجرح عميق وهو يشاهد المواطن السوري يقتل بأيدٍ سورية. نتمنى إن شاء الله أن يهون على الإخوان السوريين وتنتهي معاناتهم المؤلمة والدامية بأسرع وقت. (الموحد جمع الشتات ووحد الوطن) يلاحظ أن الملك عبدالله كثيرا ما يعتز بأعمال الملك المؤسس، فما إن تؤسس مؤسسة أو تظهر فكرة عمل خير حتى يوجه بأن يوضع اسم الملك المؤسس عليها.. فماذا يعني لكم ذلك؟ هذا أمر طبيعي.. اليوم ونحن نتكلم عن الملك عبدالعزيز فإننا نلخص ذلك في القول إنه مؤسس، فكل ما تراه وتشاهده اليوم في المملكة من أمن واستقرار بعد أن كانت القبائل متنافرة ومتناحرة.. فإنك تدرك مدى عظم جهد التأسيس لهذا الكيان.. إذ لم يكن من السهل أن يأتي شخص واحد ويجمعهم كلهم على قلب رجل واحد. والملك عبدالعزيز رحمة الله عليه أول ما بدأ في عمله قال: «اللهم إن كنت صادقا في أني أعمل لعزة دينك فانصرني، فإن لم أكن كذلك فاللهم أمتني». فهو مخلص جاء بعد عون الله سبحانه وتعالى بعمل صادق فأمده الله بنصره، فلا عبدالله بن عبدالعزيز ولا أحد من أبناء عبدالعزيز إلا ويعتز بالجهود والأعمال العظيمة لجلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله، لكن نحن اليوم نتكلم عن الوطن بشكل عام.. اليوم يشعر المواطنون أن الملك عبدالعزيز هو من أسس ووحد هذا الكيان. وإلا فمن كان يتوقع أن تتوحد أجزاء هذا الوطن الشاسع في نسيج واحد ودولة واحدة يسودها الأمن والاستقرار. (حياة الملك العائلية) متى يلتقي بأبنائه وماذا يقول لهم ويسمع منهم؟ يحرص سيدي خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله على أن يخصص قدر المستطاع وقتا من يومه للجلوس مع أبنائه، فهو رغم مسؤولياته الجسيمة، وبرنامجه الرسمي اليومي إلا أنه يعيش حياته مع أسرته كما يعيشها الإنسان العادي، فهو يخصص وقتا للجلوس معهم، يلاطف الصغار من الأبناء والأحفاد ويهتم بالنواحي التعليمية والدراسية، ويستمع باهتمام إلى الكبار، ويسدي إليهم التوجيهات والنصائح الأبوية بلين وعطف الأب المسؤول عن أبنائه. هل يشاركهم في وجبات الطعام.. أو في المناسبات الخاصة؟ وما هي نظرته للأطفال من الأحفاد؟ نعم يشاركهم وجبات الطعام عندما تسمح له ظروف عمله ومسؤولياته الكبيرة، فهو كما ذكرنا رب أسرة قبل أن يكون ملكا، ويسعد كثيرا برؤية أحفاده، حيث يداعبهم ويلاطفهم، وينشرح صدره لرؤيتهم دائما لمحبته لهم وتعلقهم به. (اتخاذ القرار عند الملك) كيف ومتى يتخذ القرار مع رجاء التمثيل على ذلك؟ عرف خادم الحرمين الشريفين بحكمته دائما في كل قرار يتخذه حتى قبل أن يصبح ملكا، فهو لا يمكن أن يقدم على اتخاذ أي قرار إلا بعد أن يتروى فيه، ويستشير، ومن الأمثلة القريبة جدا أنه قبل أن يقرر دخول المرأة إلى عضوية مجلس الشورى استشار العلماء في ذلك، وقبلها توسعة المسعى .. وهكذا في جميع القرارات التي يتخذها.. حيث يقوم بالتأكد من صحة أي قرار قبل اتخاذه.. ويطلب معلومات دقيقة عن أي قرار أو أي مرشح لأي موقع ويستخير الله دائماً. (قرارات غير قابلة للتراجع) ومتى يتراجع عن قناعة أو رأي أو قرار سبق أن اتخِذ ثم اكتشف أن عليه أن يراجعه أو يلغيه؟ كما قلت آنفا فإن سيدي الملك عبدالله يتخذ القرارات بعد دراسة وتأنٍ واستشارة، فلا أذكر أن الملك قد اتخذ قراراً ما وتراجع عنه، أو ندم عليه.. وقد يتبع بعض القرارات بما يوضحها ويرفع من مستوى الأداء لتنفيذها من قبل الأجهزة المعنية بتلك القرارات إذا لمس أنها لم تنفذ كما ينبغي. والحمد لله أن قراراته موفقة لأنه صاحب نية لا تحمل إلا الخير، وأنا دائماً أقول «من يحب عبدالله بن عبدالعزيز فليدع بأن يرزقه الله على قدر نيته».. ولاشك أنه بشر يخطئ ويصيب، ولكن تبقى الاستشارة هي الأساس عند الملك عبدالله يحفظه الله ، دائما يكرر على المستشارين والعلماء بكلمة «أشيروا علي» كما يؤكد على من يساعدونه في الإعداد لاتخاذ قرارات مهمة بالقول لهم: هذا في ذمتكم وعليكم أن تكونوا أمناء معي ومع شعبكم وبلادكم. (إنجازات أسعدت المواطن) ما هي أهم القرارات التي سعد باتخاذها وماذا كان أثرها ووقعها على الشعب وكيف تلقى ردود الفعل تلك؟ كل القرارات التي يتخذها بفضل من الله تصب في مصلحة المواطن ورفاهيته، ومنتهى سعادته عندما يرى أن المواطن مستفيد من تلك القرارات، يسعد أكثر وبالذات حينما يلتقي المواطنين ويلمس بنفسه هذا الشعور، ولعل من أهم القرارات التي اتخذها وسعد كثيرا بمردودها إنشاء وزارة الإسكان، زيادة عدد الجامعات إلى أكثر من 30 جامعة في مختلف المدن والمحافظات، وجامعة الملك عبدالله، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، والمدن الاقتصادية، ودعم الضمان الاجتماعي بميزانية ضخمة، وكذلك دعم صناديق التنمية المختلفة وبرنامج الابتعاث للخارج.. وبرنامج تطوير التعليم.. وحصر الفتوى في المؤهلين لها وتكريم النوابغ من سيدات المجتمع ورجالاته وشبابه.. والتوسع في المدن الطبية على مستوى المملكة، وهناك الكثير من القرارات التي لو تحدثنا عنها طويلا فلن نستطيع حصرها. (مكتب الملك .. وإعفاء المسؤولين) كيف يختار الملك من حوله من سكرتارية.. أو وزراء.. أو مسؤولين في مواقع مختلفة؟ ومتى يتخذ القرار بتنحيتهم.. وفي أي الظروف..؟ وكيف يتعامل معهم بعد ذلك؟ (مع التمثيل). يضع الملك دائما في أولوياته عند اختيار من حوله من السكرتارية أو الوزراء مخافة الله أولا ، والصدق والأمانة.. ويحب الصادق الذي ينقل له احتياجات المواطن، وهمومه، وأمانيه، والأمين الذي يؤدي الأمانة التي اؤتمن عليها سواء في عمله أو في علاقته مع المواطنين، أما عندما يرى ضرورة تنحية مسؤول فإنه أيضا وانطلاقا من حكمته التي عرف بها يتخذ مثل هذا القرار إما بعد أن يكون هذا المسؤول أو ذاك قد أنهى مدة تعيينه في منصبه المقررة لمن هم في مرتبة الوزراء والمرتبة الممتازة وهي أربع سنوات، ويرى الملك ضرورة التغيير وهنا يتخذ القرار بهدف المصلحة العامة، أو أن المسؤول قصر فعلا في خدمة المواطن وفق شواهد حية، وهذا ما لا يتسامح الملك عبدالله يحفظه الله فيه مع من يقصر في هذا الجانب مهما كان اسمه.. كما أنه لا يقبل إساءة أي مسؤول لسلطاته أو تقصيره في حق المواطن. (الصحيفة التي تهمه) ما الذي يهمه سماعه في الإذاعات والقنوات الفضائية.. أو في الصحف اليومية؟ وماذا يفضل منها.. ولماذا؟ ليست هناك إذاعة أو قناة محددة يحرص عليها، فهو متابع لجميع القنوات دون استثناء وإن كانت القنوات السعودية لها خصوصية لديه وهو ملم ومتابع للكثير مما يطرح من القضايا ويتابع نشرات الأخبار باهتمام ويتحدث مع من حوله حول كل المستجدات في لحظتها لكي يرى كيف يفكر الناس وكيف ينظرون إلى تلك الأحداث وكثيرا ما يفاجئنا بآراء مختلفة لا تلبث الأيام أن تؤكد صواب نظرته لها وتحليله لأبعادها.. كما يحرص على سماع ومشاهدة البرامج المحلية التي تعنى بالمواطن وهمومه، فهو حريص على معرفة كل كبيرة وصغيرة تتصل بأحوال الناس من خلال بعض البرامج التي تهتم بالشأن الداخلي والمواطن، أما بالنسبة للصحف، فكل الصحف تحظى بنفس القدر من الاهتمام والمتابعة وهو يتابع ما ينشر فيها من تحقيقات ومقالات دون تفرقة بين الصحف، ولكن الصحيفة التي تناقش الوضع الداخلي وتطرح قضايا المواطن وهمومه وتقدم حلولا ومرئيات تحظى بمتابعة أكبر وأشمل منه. وعلاقته الشخصية بالإعلاميين؟ هو قريب من الإعلاميين ، وربما من رافق خادم الحرمين الشريفين في رحلاته الخاصة يعرف هذا الشيء جيداً، وفي بعض الأحيان يفتح معهم حوارات لا تخلو من مداعبات وروح محبة وتقدير. (انعدام المصداقية يضايقه) ألا تغضبه بعض الكتابات؟ لا أقول تغضبه.. وإنما تضايقه لاسيما إذا كانت غير صحيحة أو غير مبنية على معلومات وحقائق.. وكثيرا ما كنا نسمع منه في لقاءاته بالصحفيين وهو يردد عليهم: المصداقية.. المصداقية.. ولا سيما في رحلاته الخارجية التي تجمعه برؤساء التحرير، لأنه يؤمن بحرية الرأي المتزن والموضوعي، ويمقت الإثارة المفتعلة التي لا تخدم القارئ أو الصحيفة. غداً المزيد من التفاصيل