جاءت لائحة الأندية الأدبية قبل عامين على فترة من الركود، أرادت منها الوزارة تطوير المنشآت الثقافية، والاستجابة لمطالب مجتمع بات واعياً ينتظر تغيرا في النظام المؤسسي لها، وحينما صدرت تلك اللائحة أحدثت ضجيجا اشرأبت معه الأعناق إلى الأندية، وأصبح أكثر أفراد المجتمع يتابعون أنشطتها ويراهنون عليها؛ إدراكا منهم أن منطلق كل تطوير مستقبلي يبنى على الصياغة الثقافية للمجتمع لاسيما إذا كان مسيجا بلوائح منظمة وقوانين محكمة. وقبل أيام قرأت كغيري قرب صدور لائحة جديدة أو معدلة للأندية الأدبية، وهذا القادم الطارئ دليل على رغبة الوزارة في الاستجابة لمطالب بعض المثقفين وتلبية رغباتهم ومحاولة إرضائهم، ودرءا لإشغالهم إياها بالانتقادات. غير أن السؤال الملح: هل ستصل الوزارة إلى لوائح يصفق لها المثقفون (الحالمون عادة)؟ هل تتوقع أن كل المثقفين سيقبلون التعديل ويقبلون على الأندية عملا وإبداعا دون احتجاج ولا لجاج؟ أتمنى ألا تربط الوزارة نجاح لوائحها بقبول الوسط الثقافي بعمومه لها، فهذا الوسط (كالوسط الرياضي) ميدان للتجاذبات والمطالب الخيالية، فلكل مثقف تطلعاته وأحلامه ومنطقيا ستتناقض وتتعارض، ومهما حاولت الوزارة أن تقدم لائحة تبنى على المشتركات، فستصافح أنظارها غدا عناوين تشي بعدم الرضا من مثل:(خيبة أمل تصيب المثقفين) (التعديلات الجديدة لم ترتق للآمال) وربما ستسمع دعاء بالرحمة على روح الوزارة والأندية! فبعض المثقفين يرى أن حياة هذه المؤسسات مرهون بوجوده هو فقط والتسليم بما يراه. وستطالعنا الصحافة باستطلاعات منتقاة ومثيرة حول التعديل. وحينها هل تتفاعل الوزارة مع ردة الفعل وتعلن رغبتها في إعادة النظر في اللائحة كرة ثالثة؟ هل سيصبح هم الوزارة البحث عن رضا المثقفين (وهذا مطلب بعيد المنال) بدل البحث عن آليات للعمل المنتج وتمكين الأندية من أن تمخر عباب بحر العمل دون عقبات تخلق منها مؤسسات مرتبكة ومترنحة؟ هل تستطيع الوزارة والأندية أن تحققا طموح المجتمع وهما (الأندية الوزارة) مرتهنتان لرضا ثلة منحت الفرصة فيما مضى فتمترست خلف قضبان النخبوية ففشلت في رفع مستوى الوعي وتقزيم مغيباته، وخلقت قدرا من المشتتات الذهنية والمعرفية؟إن من حق الأندية أن تخاف من القادم ومن أن تجعلها الوزارة (كمدارس التعليم العام) حقولا للتجارب، بدلا من أن تعينها على تطليق مرحلة الانكفاء على الذات والانعتاق من حالة الخمول والذبول والتنميط المعرفي. وأنا هنا لا أعني أن الأندية لم تكن شيئا مذكورا، لكنها كانت تسير وئيدة الخطو هادئة لا ترغب الإثارة ولا تسعى لتحفيز الانتباه؛ تنتهج المبالغة في الحكمة والبحث عن السلامة. وأخيرا على الوزارة أن تعلم أن كل خطوة سيعترض طريقها أعداء النجاح من أطياف المثقفين الذين يتغنون بالحوار وقبول الآراء والمناداة بالديمقراطية وسيتسابقون على التشويش والتشويه لتفريغ المحتوى اللائحي من قيمته. ولكن لن تعدم المثقف الواعي والإعلامي المنصف والأديب الحصيف فهم الأقدر على صيانة المؤسسات من تلك اللوثات وحماية فضائل العمل المثمر من رذائل المتحذلقين أو أدعياء الثقافة. وألقاكم تويتر @aanzs1417