نتابع، اليوم، حديث الأمس عن كتاب فاطمة المرنيسي (هل أنتم محصنون ضد الحريم)، الذي ترى فيه أن الرجال في الشرق والغرب على السواء يكرهون ندية المرأة لهم ووقوفها إلى جانبهم، وسواء عبروا عن ذلك صراحة أو ضمنيا هم لا يخرجون عن حقيقة واحدة هي إصابتهم بفيروس الحريم. وفيروس الحريم كما تصف أعراضه المرنيسي يجعل الرجال يحلمون بالعودة إلى عالم الحريم الذي تكون فيه المرأة كالجارية والمحظية، و«يوقظ لدى الرجل الرغبة في شريكة سلبية دائمة الخضوع والصمت حتى لو كانت مدججة بالشهادات الجامعية، تدير ورشة بناء تضم مئات العمال في مراكش، أو ترأس شركة تأمين في الدارالبيضاء، أو تتعامل بالمليارات يوميا في أحد المصارف». أي أن فيروس الحريم «يتغلغل في عقولهم (الرجال)، ويوحي لهم برغبة جامحة في أن يروا شريكتهم التي تضاهيهم تحضرا، ولعلها أستاذة في جامعة محمد الخامس أو طبيبة في مشفى ابن رشد بالدارالبيضاء، تتصرف كالجارية». والإصابة بهذا الفيروس ليست محصورة في الرجال العرب، فالرجال في الغرب هم أيضا معرضون للإصابة به، فرغم ما يظنه الغربيون في أنفسهم من تحضر وتحصين «ضد أية رؤية خنوعة للنساء»، إلا أن العالم الغربي موبوء بهذا الفيروس، وهو بالتحديد فيروس يهاجم الدول التي تحررت فيها النساء (بفضل انخراطهن الواسع في مجال التحصيل العلمي وسوق العمل وفرض القوانين المساوية بين الجنسين)، فيتجه الرجال إلى خلق عالم الحريم في أذهانهم، وتضرب مثالا على ذلك بما يحدث في عالمي صناعة الأزياء وصناعة الأفلام اللذين يعدان الفضاءين الجديدين اللذين يحتكرهما الرجال ولا يزالان يعتمدان نموذج المرأة السلعة. أي أن الرجل الغربي استطاع أن يتقبل استقلالية المرأة، وأن يقمع رغبته في العيش في عالم الحريم عن طريق ضبط النفس والسيطرة على الذات والاكتفاء بالتنفيس من خلال الأوهام والتخيلات؛ كرسم اللوحات الإيروتيكية أو صناعة الأفلام أو عروض الأزياء. أما الرجل العربي، فإنه لم يستطع بلوغ ذلك؛ لأنه يرى أن تمرد المرأة على عالم الحريم يضطره إلى فرض الرقابة على ذاته، وهو لا يريد أن يحمل نفسه ذلك العبء. وحسب هذه الرؤية، تفسر المرنيسي السجال القائم حول الحجاب في المجتمع الاسلامي بأنه «سجال حول استقلالية المرأة وضرورة تأقلم الرجل معها، (...) ذلك أن الحجاب كان يمثل الآلية التي تنظم الغريزة الجنسية (...)، أي من خلال الفصل المكاني، وما إن تصدعت جدران الحريم (...) حتى وجد هؤلاء السادة أنفسهم دون حماية». تختم المرنيسي كتابها بالتفاؤل بقدرة الرجال العرب عموما، ولا سيما المغاربة (...) على المضي قدما في طريق التحرر الذي سلكته النساء منذ عقود خلت. فاكس 4555382-1 a للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة