فجر تقرير هيئة مكافحة الفساد «نزاهة» حول تهالك المباني في مستشفى الصحة النفسية بجدة، خاصة استراحات الممرضات ومباني الخدمات وقاعة التدريب ومبنى العزل الآمن، العديد من ردود الأفعال، خاصة أن التقرير يؤكد أن المستشفى يجب أن ينتقل إلى مبنى جديد، والذي حددت له أرض شرقي المحافظة وتحديدا في منطقة أم جعالة، لإنهاء المعاناة مع مبنى تاريخي لا يصلح اليوم ليقدم خدماته للمرضى، خاصة أن نفس المبنى صدرت له شهادة بعدم صلاحيته منذ 42 سنة. وفيما بدت ردود الفعل متباينة بشأن صلاحية المبنى، اعترف مدير عام الصحة النفسية والاجتماعية بوزارة الصحة الدكتور عبدالحميد الحبيب بسوء حالة مبنى مستشفى الصحة النفسية بجدة وغياب الخدمة الطبية لمرضاه، وقال «أعتقد أن هذا المستشفى يجب أن يخرج من الخدمة في أقرب وقت ممكن، وكل ما يحدث الآن هو محاولة (إطفاء الحريق) أو كما يقولون العمل بسياسة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن هذا المستشفى غير قادر على تقديم خدمة نفسية مقبولة طبقا للمعايير الطبية، وهناك مشكلة كبيرة في مبنى المستشفى». وأضاف «طالبت عدة قطاعات حكومية بمساندة القطاع الصحي في توفير الاحتياجات»، قاصدا بذلك التعديات التي كانت على الأرض المخصصة لإنشاء مستشفى الصحة النفسية في جدة، وقال: «مستشفى جدة معتمد منذ عام 1424ه وحتى الآن لم ينفذ، وهي سنوات طويلة قضت في البحث عن أرض مناسبة، أعتقد أنه وقت طويل جدا، فالمستشفى غير قادر على تقديم الخدمة الطبية، ويجب إيجاد بديل بشكل سريع ومباشر»، مبينا أنه تم الانتهاء من استلام أرض مستشفى جدة، وتم إعداد تصاميم المشروعات بسعة 500 سرير، معربا عن شكره لجميع الزملاء بالمستشفى على تقديمهم للخدمة في ظروف سيئة جدا. الإشكالية الكبرى لكن مدير مستشفى الصحة النفسية في جدة الدكتور سهيل خان سارع بالتأكيد على أن الإشكالية الكبرى في المستشفى هي وجود مبان قديمة يتجاوز عمرها ال 50 عاما وانتهى عمرها الافتراضي وقد تم اعتماد مشروع لإزالتها، وقد نفذ منه ما نسبته 90%، ويتم حاليا تنظيف الموقع من تلك الإزالات، وسيتم الانتهاء منها في غضون يومين، وأضاف «واجهنا صعوبات بسبب ارتباط تلك المباني بشبكات الكهرباء والماء والهاتف والإنترنت وهو ما أعاق عملية الإزالة، غير أنه تم المضي بها وفق آلية معينة وبشكل لم يمس راحة المرضى أو يؤثر في الخدمة المقدمة لهم وتم فصل الأعمال بهدوء». وبين أن وزارة الصحة اعتمدت إنشاء مجمع جديد للصحة النفسية والأمل بسعة 500 سرير وبميزانية 250 مليون ريال، وقد تم استلام الأرض المخصصة له في الطريق المؤدي لعسفان وتم رفع الأوراق للبدء في تنفيذ المشروع، وتم اعتماد أرض للمستشفى في أبرق الرغامة ثم نقل إلى أبو جعالة والآن تم تخصيص أرض في طريق عسفان وكانت الأراضي عليها تعديات تسببت في تأخر المشروع للأسف وهو ما أعاق بناء المجمع، مضيفا: «في هذا الوقت وبينما يبدأ المشروع، تم اعتماد إزالة مبان قديمة داخل الموقع الحالي وقد بدأنا بالمشروع، حيث سيتم إنشاء مبنى للطوارئ وأربع وحدات للتنويم داخل أقسام الرجال ويجري الرفع لإنشاء مبان للأقسام الإدارية والفنية في المستشفى، وسيتم تحديث جميع المباني وسيكون بناؤها على وجه السرعة حيث تم اعتماد ميزانيتها من الوزير». وأوضح الدكتور سهيل أن نسبة الإشغال في المستشفى للأسرة بلغت 93% في عام 1433ه وتصل في بعض الأحيان إلى 100%، والمريض النفسي حتى تستقر حالته ويبدأ في الاستجابة للعلاج يحتاج من أسبوعين إلى أربعة أسابيع حتى يكون مهيأ للخروج من المستشفى والذي تبلغ سعته الاستيعابية 120 سريرا، فيما نستقبل يوميا 5 حالات أي 35 حالة أسبوعيا و140 شهريا وسعة المستشفى 120 سريرا، ولعل استحداث برنامج الطب المنزلي وبرامج التأهيل بالعمل خففت كثيرا من هذا الضغط. وشدد مدير الصحة النفسية إلى أن التقارير السابقة التي تم رصدها من قبل جهات مختلفة تم دراستها والتعامل معها من قبل المجلس التنفيذي للمستشفى، والملاحظات التي رصدت قصورا في الخدمة المقدمة تم تلافيها والعمل على إزالتها خاصة في مستوى النظافة، وقال كذلك مقاول الصيانة إنه تم التعامل مع احتياجاته من خلال رفع عقده من 6 ملايين ريال إلى 11 مليونا وذلك نظرا لحجم العمل الملقى على عاتقه في المباني القديمة والتي تحتاج لجهد إضافي، والهدف من ذلك رفع مستواها وتقديم خدمة مميزة، كما قدمت المديرية العامة في المنطقة دراسة عن الطب النفسي المجتمعي حيث يتم تطبيقه من خلال عيادات في مراكز الرعاية الصحية الأولية والتي تقدم الخدمة للمرضى المستقرين من تشخيص وإحالة للمستشفى عند الحاجة. هذه خدماتنا وأضاف مدير مستشفى الصحة النفسية أن الخدمات المقدمة من المنشأة كبيرة، وهناك تطور في الخدمات، وقد تم مؤخرا اعتماده كمركز تدريبي لنيل الزمالة من قبل الهيئة السعودية للتخصصات، والمستشفى استحدث برنامج الطب المنزلي والذي ساهم في الوصول إلى المريض داخل منزله وتقديم الدواء والتقييم النفسي وهو ما حد من نسبة انشغال الأسرة في المستشفى، كما أن المستشفى يخدم نحو 4 ملايين نسمة، وهي نطاق الخدمة المقدمة، وهناك خدمات حديثة مثل العلاج بالعمل، ويهدف إلى إعادة تهيئة المريض وصقل مهارته ليعود منتجا متفاعلا مع المجتمع. حفاظ على الخصوصية ورفض مدير مستشفى الصحة النفسية الطرق التي تحاول بعض الجهات الإعلامية سلوكها في الدخول إلى المستشفى، وقال ل«عكاظ»: «أبوابنا مفتوحة للجميع والمنشأة حكومية وليست مغلقة أمام أحد، ولكن ما يقوم به البعض من انتهاك حرمة المريض وعدم احترام خصوصيته هو أمر لا نقره أبدا خاصة أن عددا منهم فاقدو الأهلية ومرضى نفسيون لا يعون ما حولهم وقد يتكشفون أمام الكاميرات وهو ما يجعلنا نضع تنظيما للدخول، وهو في صالح المريض والزائر والذي قد يتعرض للمضايقة لا سمح الله». وأضاف: «أنت على سبيل المثال حضرت بلا موعد مسبق وبشكل مفاجئ، من أوقفك عن الدخول؟، وهذه سياستنا ولا توجد لدينا أبواب مغلقة، ونعمل على مرأى ومسمع من الجميع، وللمريض حقوق لا بد أن تحفظ، والتي كفلها الشرع، ولا بد أن نؤديها ونحافظ عليها خاصة أن المستشفى توجد به حالات صعبة، ونسبة كثيرة من المرضى المنومين فاقدي الأهلية وفاقدي البصيرة تجاه مرضهم ويجب أن نتعامل معهم وفق ما يلزمه الشرع ثم الواجبان الإنساني والطبي تجاههم». وانتقد ما تناولته قناة فضائية في تقرير يصور حال المرضى النفسيين في المستشفى، مبينا أنه مخالف للواقع بشكل كبير، وهو أمر غير موجود بالمستشفى، وقال «المرضى لهم برنامج خاص للإعاشة وصالات مخصصة للأكل، ويعلم الجميع أن الفئة التي تقدم لهم الخدمة هم مرضى نفسيون، وعدد منهم لا يعي ما يفعله، وطبيعة مجتمعنا في الأكل على الأرض قد تكون السبب في إقبال بعض النزلاء في الأكل على الأرض ورفضهم تناوله على طاولة أو كرسي، وقد تم تأمين غرف لهم من خلال تجهيزها ب(موكيت) و(فرش) ولكن طبيعة حالتهم تجعلهم لا يعون ما يقومون به، لذا يتم إغراقها بالمياه والأكل وهو ما يجعلها عرضة للأوساخ والروائح والبكتيريا، لذا تمت إزالتها، وتم استبدال مقاول المغسلة بسبب سوء الخدمة المقدمة منه في غسيل الملابس والمفارش». لا جدوى من الترميم وكشف الدكتور سامي باداوود مدير الشؤون الصحية بمحافظة جدة عدم جدوى القيام بأي أعمال ترميمية في مستشفى الصحة النفسية، وقال «يتم الآن الإحلال بالكامل للمستشفى»، مؤكدا أن الأرض المخصصة للمستشفى ظلت 3 سنوات لدى الجهات المعنية لإزالة التعديات من تلك الأرض، وقال «على مدار سنوات ونحن نعلن عن حاجة صحة جدة لمبنى مناسب يصلح ليكون موقعا لمستشفى الصحة النفسية، وتم الإعلان عدة مرات ولم نجد ذلك الاشتراط». وأشار إلى أنه تم وضع مراحل لتنفيذ مشروع مستشفى الصحة النفسية الجديد، مؤكدا تذليل العقبات بشأن استلام الأرض المخصصة للمشروع، مبينا أن المستشفى سيكون ضمن منظومة الخدمات الصحية بالمحافظة، وقد تم تصميمه وفقا لأحدث أشكال المنشآت الطبية وبتقنيات عالية المستوى، مشيرا إلى أن الطاقة الاستيعابية للمستشفى ستكون 500 سرير تخدم أصحاب الأمراض الذهنية والعصبية وسيضم أقساما للتأهيل وأخرى خاصة للأمراض النفسية للأطفال، وسيتم الانتهاء منه خلال العامين المقبلين. وأوضح أن إنشاء مستشفى للصحة النفسية في جدة من شأنه أن يساعد على تحقيق أهداف الوزارة، وخصوصا أن الصحة النفسية جزء أساسي من الصحة العامة وتمثل الأساس اللازم لضمان العافية للفرد حتى يتمكن من تأدية وظائفه الطبيعية بشكل فعال في المجتمع. عاقبنا الشركة وبين بادوواد أنه «عقب صدور تقرير (نزاهة) عن حالة مستشفى الصحة النفسية، فقد تمت دراسته كاملا والتحقيق مع شركة النظافة والصيانة، وجرى تطبيق عقوبات بحقها، فيما جرى تغيير المشرفين في المستشفى على أعمال الصيانة والنظافة وذلك لضعف جانب الرقابة لديهم ولتلافي تلك الملاحظات، ونعمل على تفعيل برنامج الطب المنزلي في محاولة للحيلولة دون التكدس وزحام المراجعين، والهدف من ورائه معالجة المريض في منزله وتقديم الدواء والرعاية الصحية والنفسية له في مقر وجوده ولمنع حدوث انتكاسات، حيث بدأ هذا البرنامج في عام 1429 للذكور وشمل الإناث من المرضى في مطلع 1433ه، كذلك تم البدء في تفعيل الطب النفسي المجتمعي على مستوى منطقة مكةالمكرمة وذلك بتفعيل دور الطبيب النفسي داخل مراكز الرعاية الصحية الأولية حيث تم اختيار 5 مراكز مرجعية في كل محافظة تابعة لمنطقة مكةالمكرمة وتدريب أطباء الأسرة والممرضين والصيادلة والعاملين بداخل هذه المراكز للبدء في البرنامج». لا ألتفت للانتقاد أكد مدير مستشفى الصحة النفسية سهيل خان أنه لا يلتفت لما يثار حوله من أخبار سوى ما يصب في مصلحة المريض ويسهم في رفع الخدمة المقدمة إليه. وقال ردا على ما يثار من فترة إلى أخرى حول إقالته: «أنا دكتور أقدم ما لدي وما يرضي الله عز وجل»، مشيرا إلى أن: «الانتقاد الموجه لإدارتي يدفعني لبذل المزيد وتحقيق ما أصبو إليه ويرضي الله سبحانه وتعالى ثم المسؤولين الذين يهدفون إلى الارتقاء بالخدمات المقدمة للنزلاء».