إذا كان تنظيم القاعدة أتقن لعبة الكر والفر (اضرب واهرب) في عدوانه على الجيش اليمني، فإن الجيش اليمني تفنن في الكر لمرة واحدة، وما جرى في أبين والذي شهدت جزءا منه في لودر، شاهد على ذلك. فعندما تمكن الجيش من تطهير آخر معاقل القاعدة في لودر، كان ذلك بضربة قاصمة لمشروعها في إقامة ما يسمى بالدولة الإسلامية في أبين، وأثبتت القيادة السياسية والعسكرية في اليمن جديتها وحزمها في محاربة القاعدة، هذا التنظيم الذي اعتمد على الحشد والتعبئة الأيدلوجية الفاسدة لأتباعه. في مأرب، حيث تقهقرت القاعدة بعد هزيمتها في أبين، ما يزال الجيش يخوض مواجهات مع عناصر تنظيم القاعدة التي تسعى للسيطرة المحافظة مأرب والمحافظات الثلاث المجاورة (مأرب والجوف وشبوة) أو ما يسميه البعض «مثلث الشر». وفي الواقع، نجح الجيش اليمني باقتدار في ضرب معاقل القاعدة، بعد أن عاثت القاعدة فسادا بالاقتصاد اليمني وأوقعت فيه خسائر اقتصادية فادحة، بدءا من تدمير بنيته التحتية وإضعاف مستوى الخدمات التي تقدمها مؤسساتها المتواضعة، إلى تدمير منشآتها النفطية وتحويل المحافظة لمنطقة صراعات دموية، انتهاء بخطف السياح من الجنسيات المختلفة أو استهدافهم أو تفجير منشآت ومصالح للدول الأجنبية. وتزايدت وتيرة الاعتداءات بمعدل قياسي ضاربة القطاعات الحيوية في اليمن، وقدرت وزارة المالية الخسائر التي تكبدتها اليمن جراء أعمال التخريب التي طالت أنابيب النفط والغاز فقط في محافظتي أبين وشبوة فقط بحوالي 500 مليون دولار وأدت في بعض المرات إلى توقف الإنتاج في أكثر شهور العام، فيما خسرت الاتصالات جراء استهداف الألياف الضوئية حوالي 2.5 مليار ريال يمني، في حين بلغت خسائر قطاع الكهرباء وحده 40 مليار ريال جراء الاستهداف المتواصل والتخريبي لمحطات وخطوط نقل الطاقة الكهربائية. وأفادت إحصائية رسمية أن خطوط النقل الكهربائية تعرضت لأكثر من 50 اعتداء تخريبي منذ بداية العام 2012م، محذرة من مخطط إرهابي تخريبي لتفجير المحطة الغازية لتوليد الكهرباء بمحافظة مأرب شرق العاصمة صنعاء. وكانت آخر تلك الأعمال التخريبية قيام عناصر مسلحة باستحداث نقطة قبلية وقطع الخط الرئيسي الذي يربط العاصمة صنعاء بالمحافظتين النفطيتين واللتين تمثلان العصب الرئيسي للاقتصاد اليمني (مأرب وحضرموت) مطلع الأسبوع الجاري واحتجاز أكثر من 700 شاحنة نفطية وسيارة. حرب الجيش على القاعدة مستمرة، والأهم للمؤسسة العسكرية في هذه المرحلة هو كيفية الحفاظ على المنشآت النفطية وإبعادها من دائرة خطر القاعدة التي عرفت من أين تنهك الدولة.