لا يمكن لأي بيئة عمل أن تستمر دون أخطاء ومشاكل واختلاف وجهات النظر، وهذا أمر لا جدال حوله، بيد أن الخلاف عند المسؤول النابه يختلف عن غيره من الخلافات عند من يغرقون في أضواء المكان وبرستيج الرتبة العالية.. وكلما كان هناك وعي في احتواء المشاكل ومداراة العقول واستثمار الطاقات كان هناك نتاج وحراك وروح عالية في داخل كيان العمل وخارجه. حسنا، ماذا أريد من هذه التوطئة المتواضعة؟ حقيقة، يدهشني ويحرك سواكن نفسي بالاستفهام والحيرة ما أراه من تصعيد للمشاكل في بعض القطاعات والدوائر الحكومية، حيث تخرج من فرصة الاحتواء والحل السريع إلى منصة نوافذ الإعلام المقروءة لتكون قضية سائغة للكاتبين والسامعين والمتأملين. وبحجم اختلاف القضية يكون الاندهاش. هذا تماما ما حصل لي عند قراءتي لخبر توقف بعض الموظفين عن العمل في إحدى النوافذ العدلية في مكة وامتناعهم عن ممارسة أي نشاط حتى استلام حقوقهم المنتظرة لأكثر من ثلاث سنوات، وبعد أخذ ورد ونشر وتعقيب، تم حل المشكلة وعودة الموظفين إلى أماكن عملهم بضمان عرض مطالبهم والالتزام بكل ما فيها من حقوق ظاهرة صريحة، وانتهى الأمر. ماذا يحصل لو التزم المسؤول عند أول المشكلة بالحل السريع أيا كانت طريقته؟ هل كان هذا الحل البسيط غائبا أم مغيبا؟ وهل التصريح بأن المطالب لم تستكمل الإجراءات النظامية يعلل لغة التصاعد التي ظهرت في تبعات المشكلة؟ حقيقة، أشياء كثيرة قفزت في ذهني عن المشكلة والحل لعل من أبسطها، وبعيدا عن ادعاء النباهة والذكاء، أن لو جاء متظلم لديه شكوى وفي ذات الوقت ناقصة الإجراءات لكنها في المجمل حق لا مراء فيه، لقمت بإتمام كافة الترتيبات البيروقراطية سريعا وإعطاء كل ذي صاحب حق حقه، حيث أن هذا التصرف لا أظنه يخدش المكانة العالية ولا يؤثر على طابع المنظر العام لمسمى مدير أو مسؤول!