شارك عشرات آلاف الأشخاص أمس في تشييع جنازة المعارض التونسي شكري بلعيد الذي اغتيل الأربعاء مرددين شعارات ضد السلطة في تونس التي شهدت مواجهات رغم انتشار الأمن والجيش بكثافة. وطالب تونسيون كانوا يواكبون مراسم الدفن، رئيس أركان الجيش رشيد عمار بالتدخل وأخذ زمام المبادرة في أهم القرارات المتعلقة بالشأن التونسي، في دعوة ضمنية له لإبعاد حكومة (الترويكا) من مركز القرار بعد أن فشلت في تأمين الحد الأدنى من الاستقرار للبلاد التي تتدهور أوضاعها الأمنية من يوم إلى آخر في وضع إقليمي متدهور هو ايضا. وقالت وزارة الداخلية التونسية إن نحو 40 ألف شخص شاركوا في تشييع جنازة بلعيد (48 عاما) التي تحولت إلى تظاهرة ضد حزب النهضة الإسلامي الذي وجهت إليه أصابع الاتهام في هذه الجريمة. وسجلت اضطرابات على هامش الموكب الجنائزي حيث أحرق (منحرفون) قدموا من أحياء قريبة من المقبرة بعض السيارات واعتدوا على مدنيين وألقوا حجارة على شرطيين التي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع مقابل المقبرة. وفي شارع الحبيب بورقيبة بقلب العاصمة، طارد عناصر الشرطة بالهراوات والغاز المسيل للدموع عشرات المتظاهرين الشبان المناهضين للسلطة كانوا يهتفون «ديغاج» (أغرب) الشعار الشهير لثورة (الحرية والكرامة) بتونس في يناير (كانون الثاني)2011. وقال خالد طروش المتحدث باسم وزارة الداخلية انه تم «توقيف 132 من مثيري الشغب» مشيرا إلى أن التظاهرات في كامل البلاد جرت «عموما» دون مشاكل كبيرة. كما شل إضراب عام دعت إليه أحزاب معارضة والاتحاد العام التونسي للشغل (مركزية نقابية)، الحركة في البلاد. وكان بلعيد معارضا شرسا للإسلاميين وكان يتولى منصب أمين عام حزب الوطنيين الديمقراطيين. ولم تعلن حتى الآن أي معلومات بشأن منفذي ومدبري اغتياله. وحلقت مروحيات للجيش في سماء العاصمة، حيث انتشرت عربات عسكرية في شارع الحبيب بورقيبة. حدث ذلك رغم دعوة اتحاد الشغل والقوى السياسية الى «إضراب سلمي ضد العنف» وأيضا دعوة السلطات إلى «تفادي كل ما من شأنه الإساءة للنظام العام». ولقيت الدعوة للإضراب العام استجابة واسعة. والغيت كافة الرحلات الجوية من مطار تونسقرطاج وإليه وبدت شوارع العاصمة مقفرة وعربات المترو فارغة. كما عمق اغتيال بلعيد الأزمة السياسية مع ظهور انقسامات بين معتدلي حزب النهضة الذين يمثلهم رئيس الوزراء حمادي الجبالي ومتشدديه المصطفين خلف الغنوشي. ودعا الجبالي مساء الأربعاء الماضي إلى تشكيل حكومة تكنوقراط مصغرة لإنهاء المرحلة الانتقالية والتوجه سريعا إلى انتخابات، الأمر الذي رفضه حزب النهضة. غير أن الجبالي قال في تصريحات أمس «أنا متمسك بقراري بخصوص تشكيل حكومة تكنوقراط، ولن أذهب إلى (المجلس الوطني) التأسيسي لتزكيتها، وتركيبة هذه الحكومة جاهزة تقريبا». إلى ذلك دعا أبو عياض التونسي مسؤول تنظيم (أنصار الشريعة) (التيارات الاسلامية) في بلاده وبينها حركة النهضة الحاكمة إلى إنهاء انقساماتها لمنع «حرب أهلية» في البلاد. وفي سياق متصل، استدعى رئيس الحكومة السفير الفرنسي فرانسوا غويات للاحتجاج على تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي مانوال فالس، قال فيها إنه يتعين دعم العلمانيين والديمقراطيين في تونس، وإن تونس ليست نموذجا للربيع العربي.