ما بين المضايقات في شوارع لندن أو طرقات مانشستر، والتمييز أو التهميش في قاعات الدراسة، تحاول المبتعثات السعوديات إلى المملكة المتحدة تجاوز ما يتعرضن له بسبب تمسك بعضهن ب «الحجاب»، مهما اختلفت هيئاته وتنوعت ألوانه وصوره، سواء التزمن بالنقاب أو كشفن عن وجوههن. «عكاظ» تلمست معاناة الطالبات في الجامعات البريطانية، ورصدت نماذج من الممارسات التي يتعرضن لها من قبل أساتدة الجامعات وطلابها، أو المارة والمراهقين. في البداية، تروي مها محمد، طالبة الماجستير في تصميم الأعمال، في جامعة ديمونت فورد بمدينة ليستر تجربتها مع الحجاب في المملكة المتحدة: وقعت تحت معاملة سيئة من مشرف القسم بالجامعة بسبب الحجاب، فكان يحرجني كثيرا أمام الطلاب والطالبات جميعهم، كوني المتحجبة الوحيدة في القسم، وقد اتخذ بحقي كثيرا من الممارسات الهادفة إلى إحباطي وتثبيط معنوياتي، مقابل تقديمه المساعدة للجميع باستثنائي أنا، ومع ذلك حاولت جاهدة تجاوز هذه التحديات، إلا أنني قررت التنازل عن جزء من الحجاب، حيث اضطررت لكشف وجهي بالكامل، بعد أن كنت أغطي نصفه. وبررت مها أسباب تخليها عن غطاء نصف وجهها بقولها «لم يكن الأمر واقفا عند حدود الجامعة، بل تجاوز إلى الشارع، حيث تعرضت كثيرا للمضايقات، رغم وجود جالية إسلامية واسعة في مدينة ليستر، ما حدا دون قدرتي على تكوين صداقات تفيدني في الدراسة، فاخترت كشف وجهي استنادا على فتاوى تجيز ذلك». عبارات ساخرة ووصفت الطالبة سارة التميمي، المبتعثة لمرحلة البكالوريوس في جامعة كوفنتري المضايقات التي تعرضت لها ب «السطحية»، حيث يحدق إليها المارة ويطلقون عبارات ساخرة في طرقات المدن الكبيرة، بينما لا تجد شيئا من ذلك في الأرياف والمدن الصغيرة. المراهقون يضايقونني إلى ذلك، تشير ميرال القحطاني، طالبة الدكتوراه في التأهيل الطبي بجامعة سالفورد بمدينة مانشستر، إذ تقول «أكثر من يضايقني في مانشتسر المراهقون وصغار السن، بينما أحظى بالاحترام عند زيارتي القرى المحيطة بأطراف المدينة، حيث يسألوني عن دواعي الحجاب، فيتفهمون رأيي لا أن يتهكموا على موقفي». لا يتعاملون معي ولخصت المبتعثة لمرحلة الدكتوراه في الكيمياء الصيدلية بجامعة لفبرا، مريم مجلي معاناتها مع الحجاب في تحفظ الكثير من البريطانيين على التعامل معها، واستنكار موقفها من قبل الطلاب والطالبات، وتؤكد «حاولت تجاوز هذه العقبة، فبدأت أتقرب من المحيطين بي في الجامعة، وأحاورهم، وأشرح لهم معنى الحجاب لدينا، فتفهموا ذلك، حتى تصدعت الحواجز التي كانت تعيقني عن الاتصال المعرفي».