تشكل الأحياء الجنوبية في تبوك أزمة للأهالي الذين مرة يطلقون عليها وصف العشوائية، وهي أحياء «الرويعيات، أبو سبعة، كريم، ورحيل» ومرة يفضلون «غض الطرف» عن ذكر اسمها، فهي في منظورهم لا تختلف عن الجنوب في كل المدن، سمعت عنها أنه تنعدم فيها السفلتة وتغيب عنها الإنارة، فيما المياه والصرف الصحي، فالأولى لا تعرف للجريان سبيلا والثانية لا تعرف سبيلا للتوقف عن الجريان والطفح، ولكن عندما زرتها كان الواقع يحمل شيئاً مما قيل لي وكثير مما سمعت عنه تمت معالجته. ولا ينكر المتابع لتلك الأحياء أنها موعودة بمشروع ضخم لدرء مخاطر السيول، والذي شارف على الانتهاء، لكن أمر سوء الخدمات لا يرضي أحدا، فالمنازل الشعبية هي التي تطغى على الصورة العامة، وهي حسب الوصف الذي نقله لي كمال غريب الخمعلي أحد سكان حي الرويعيات منذ عشرة أعوام، منازل (تعبانة) لا تحمي أحدا، لكن الكل مضطر للانزواء داخلها، مضيفا: «قبل عشرة أشهر كان المشهد مظلما إلى درجة كبيرة فلا إنارة ولا سفلتة، فيما الأحياء المجاورة لا زالت تعيش تحت خط الحاجة لهاتين الخدمتين»، معربا عن أمله أن تنتهي أزمة المساكن التي أنشأت على مزارع وعدتهم المحكمة الشرعية بإصدار صكها الشامل. ويتعجب من عدم وصول المياه لتلك الأحياء رغم أن المسافة الفاصلة بينها وأنابيب الضخ لا تتجاوز 500 متر، ورغم ذلك لا زالت الوايتات هي التي تروي عطش تلك الأحياء. لكن النظافة هي الأخرى لا تزال مشكلة في تلك الأحياء، فهي إن بدت مرتبطة بعملية التسليم والتسلم في مرحلة ما بين شركات النظافة حسب تأكيدات مسؤولي الأمانة، إلا أنها ليست وليدة هذه الأسابيع القليلة حسب قول طلال بن خالد الفقير، الذي يكشف عن أن أزمة مردم النفايات على سبيل المثال تم التحدث فيها مع الأمين السابق منذ أربع سنوات، وأضاف: «وعدنا وقتها بأنه خلال أسبوعين سيتم توقيع عقد المحرقة ولم يتغير الموقف، فالمردم يصدر الأوبئة للأهالي، في ظل اقترابه من المساكن، وليس هناك أي مفهوم علمي للتخلص من النفايات، ولا يوجد نظام الطمر بالصورة العلمية، لذا لا نتنفس إلا الهواء الملوث». ويرى عبدالله العطوي أن عشوائيات تبوك تحتاج لقرار للحد من انتشارها خارج النطاق العمراني، خاصة في منطقة المزارع التي تم تحويلها إلى مخططات سكنية، والتي هي بحاجة إلى إشراف مباشر من المسؤولين وإيجاد طريقة منظمة للحد منها. ويتطلع الحلو إبراهيم الخمعلي إلى توسيع رقعة المسطحات الخضراء قائلا: «نحتاج حدائق ومتنزهات وأماكن للشباب، لأنها متنفس كبير، والمدارس أيضا نحتاج إلى مبان حكومية، لأن كافة المدارس في الأحياء الجنوبية مستأجرة». وفيما عزا المهندس محمد سعود العطوي من منسوبي أمانة منطقة تبوك، سوء النظافة في بعض الأحياء لعملية التسليم والتسلم بين شركات النظافة القديمة والجديدة، رد على شكاوى محرقة النفايات بالقول: «لسنا من يحرق النفايات، بل هناك معالجة لها بصورة سليمة، في مشروع المعالجة الذي يبعد خمسة كلم عن نقطة ضباء، كما أن الحرق ممنوع، وهي مخالفات يمارسها شبان عابثون، فيما ينجم في مناطق نتيجة لتفاعلات كيميائية بسبب الحرارة الشديدة، لكن شاحنات الأمانة تردم بصفة مستمرة، والحل في مردم جديد للنفايات سيتم إنشاؤه شمال المدينة قريبا». وأشاد بعملية رفع مخططات كاملة للأحياء الجنوبية تجاوبا مع المشكلات التي تؤرق الأهالي، وقال: «تمت سفلتة الشوارع وعمل الإنارة في أقل من ثمانية أشهر، رغم أن الأحياء عشوائية إلا أن التوجيهات تنص على عدم حرمانهم من الخدمات في أي بقاع، فسكان تلك الأحياء لهم 40 سنة في الموقع، لذا لا يمكن حرمانهم من الخدمات، فطرح مشروع إنارة بقيمة 3 ملايين ريال، وهناك صيانة ثلاث مرات في الشهر». وحدد 4 أحياء عشوائية في المنطقة تشمل الرويعيات، أبو سبعة، كريم، ورحيل، كاشفا عن ترتيبها مروريا بوضع إشارات مرورية لتنظيمها. وكشف العطوي عن تعرض منسوبي الأمانة لمخاطر في تلك الأحياء العشوائية، مضيفا: «في الرويعيات أطلق علينا شاب أعيرة نارية لم تصبنا بفضل من الله، فيما يتعرض دائما عمال المسوحات لمضايقات من بعض الشباب الموجودين بلا أسباب، وأحيانا يتلفون معدات الأمانة، ونخسر مئات الآلاف من الريالات للتصليح والصيانة». وأشار إلى استمرار مشروع درء أخطار السيول، نافيا أن يكون متعثرا، إلا أنه أقر بقلة عدد المشروعات المتعثرة في المنطقة، مستبعدا وجود أي تعثر في المشروعات القائمة بالمنطقة، ويقر أن البناء متوقف في تلك الأحياء، والمحاولات لتنظيم كل الأحياء، معتبرا الموازنات هي العائق أمام تعمير الحدائق والمنتزهات العامة في الأحياء. مدير المياه: 10 % بلا صرف فيما أقر المهندس صالح خلف الشراري مدير المياه في منطقة تبوك، بعدم وصول الصرف الصحي في بعض المواقع بالأحياء الجنوبية، أكد أن المتبقي لا يتجاوز نسبة ال 01 %، بعدما أنجزت نسبة 09 % من التوصيلات، وهناك مساع لتوصيل الشبكة في كل الأحياء الجنوبية خلال سنة، فيما تصل إلى كل أحياء المنطقة في غضون ثلاث سنوات، كما سيتم تشغيل شبكة المياه والصرف في تيماء خلال ثلاث سنوات، تتبعها محافظة حقل في ثمانية أشهر، وكلها ضمن 051 مشروعا تنفذ في المنطقة بتكلفة تصل إلى 1?3 مليارات ريال. واعترف بتقصير المقاول في تنفيذ مشروع برج المياه الذي تأخر لعشر سنوات، مضيفا: «هناك بطء في التنفيذ، لكن الجودة عالية، والآن هناك تشطيبات نهائية، على أن يستكمل خلال شهر أو شهرين لافتتاحه».