تستضيف الكويت المؤتمر الدولي للنازحين السوريين بعد تفاقم المأساة وتزايد نزوحهم إلى الدول المجاورة هربا من بطش النظام، فتحولوا إلى قنبلة موقوتة على أراضي هذه الدول التي باتت أمام تحد اقتصادي واجتماعي وكياني. فهل ينزع المؤتمر الدولي فتيل هذه القنبلة ؟ مؤتمر الكويت ومأساة النازحين طرحت مسألة اللاجئين السوريين إشكالية إنسانية بالتوازي مع إشكالية وطنية بالدرجة الأولى. ومعالجة تلك الإشكاليتين يتطلب من العالم قدرا كبيرا من الحكمة والمسؤولية والبعد كل البعد عن المنطق السياسي بالمعنى الضيق ومقاربة مأساة بهذا الحجم من خلال شعارات شعبوية. إن مسألة اللاجئين السوريين هي أولا مسالة إنسانية، ترتب على الدول العربية واجبات قانونية لجهة تطبيق المواثيق والمعاهدات الدولية إلا أنها جزء لا يتجزأ من القانون الدولي. وبعيدا عن أي اعتبارات سياسية، على الدول المجاورة لسورية وعلى الدول العربية كافة تقديم العون للاجئ، فهو أولا واجب إنساني، كما يشير إليه البند ال 14 من شرعة حقوق الإنسان، وهو واجب ديني وأخلاقي. فبحكم هذه الأعراف فإن كل الدول مسؤولة قانونيا عن عدم «رد اللاجئين» وعدم إقفال حدودها أمامهم والعمل بمبدأ «المعاملة بالمثل». صحيح أن الأمور ليست بهذه السهولة وهناك تبعات خطيرة جدا تهدد الدول المجاورة لسورية بفعل هذا النزوح الذي فاق الملايين، والذي يأتي وسط ظروف عربية دقيقة، لذلك يجب التشديد على عدة أمور، أولا: «ضرورة دبلوماسية» فاعلة لمواكبة هذه المسألة، اليوم أكثر من أي وقت مضى، فتحييد لبنان وتحييد أي دولة مضيفة للاجئين عن النزاعات الإقليمية هو أمر ضروري. وكل الأطراف الدولية والعربية مدعوة لتحمل مسؤوليتها تجاه هذه المأساة، لا سيما أن ارتداداتها إن لم تعالج، فهي مرشحة أن تطال عمق بعض الدول على المستوى الأمني والاستراتيجي. إن الدول العربية كافة معنية بتقاسم الأعباء واستقبال أعداد من هؤلاء اللاجئين. إن مقومات بعض الدول لا تسمح باستيعاب هذه الأعداد التي تشكل تحديات اقتصادية واجتماعية وثقافية وتحد كياني، لذلك يجب أن يتحرك المجتمع الدولي بعد الإعلان عن زواج القاصرات من النازحات السوريات، والذي سيؤدي في نهاية المطاف إذا استمرت قضية النزوح إلى حالات اغتصاب وستقود إلى الجريمة. اليوم، نحن نعول على المؤتمر الدولي للنازحين السوريين الذي تستضيفه الكويت، ونأمل أن يشكل فرصة لتعويض كل التقصير الذي حصل، وأن يكون محاولة لتقليص حجم المأساة.