يتذمر بعض أهالي جدة وربما معظمهم من ورش العمل المفتوحة والمستمرة ليل نهار والتي أثرت على انسياب حركة المرور وبالتالي الزحام الذي سببه الأهم عدم التحلي بالصبر بل عدم التحلي بالحد الأدني من اللياقة في الذوق في مثل هذه الظروف. معظمنا سافر إلى الخارج ورأينا كيف تحترم قواعد المرور وكيف يتعاملون مع المركبات والطريق وما يستجد عليه من مشاريع مؤقتة، كل في مساره بدون أن ينتقل من مسار لآخر ليربك بتصرفه غير المسؤول في الشارع ويعرض نفسه وغيره لحوادث مميتة. هنا يحضرني المثل الفرنسي القائل : ON NE PEUX PAS MANGER DES OMELETTES SANS CASSER DES OEUFS (( لا يمكنك أن تأكل أو مليت بدون أن تكسر البيض )) ، وهذا ما يحدث الآن في جدة نحن في مرحلة تكسير البيض أقصد تكسير الشوارع لأننا بدون تكسير الشوارع لا يمكن أن ننفذ مشاريع توسعتها ولنشيد الكباري والأنفاق لكي تسير الحياة بيسر وسهولة، نحتاج لكثير من الصبر وحسن الخلق وحسن التعامل ، نحتاج لثقافة التعامل مع مشاريع التنمية التي هي لنا والمفروض أن تكون بنا. لقد أصبح هذا الموضوع موضوعا مزمنا واستهلك بحثا وتنظيرا في المجالس الخاصة والعامة والتصرفات غير المسؤولة زادت وطغت حتى وصلت لدرجة العبث وكم ناديت بسرعة التحرك للتوعية من قبل الجهات المعنية، مدارس، معاهد، جامعات، مراكز دراسات متخصصة، ولأن العلم وخصوصا التعليم يمثل بما يعكسه من قيم أخلاقية ومنظومة معارف متنوعة يعتبر من أكثر المواضيع إلحاحا للنقاش ضمن ثنايا أي مجتمع مدني ناهض يرغب قادته في تبوئه أعلى المراتب بين مصاف الدول المتقدمة، تذكرت القائد الفرنسي ديجول، الذي وحين استشرى الفساد المجتمعي إن جاز التعبير معظم أركان الجمهورية الفرنسية، وكاد أن يقضي عليها في الربع الثاني من القرن العشرين المنصرم، أخذ في الاهتمام بتعزيز مقومات نقطة البداية الجوهرية في عملية الإصلاح والنهضة والتجديد، المتمثلة في مصنع القيم، ومنبع المعرفة، وحين عرض مستشارو الدولة حقيقة الأوضاع السيئة عليه، تمحور سؤاله الكبير حول وضع التعليم متسائلا: (هل وصل الفساد إلى الجامعات ؟) فقيل له : لا ، فقال: هناك إمكانية كبيرة لإصلاح الأوضاع.. إذن التعليم هو البداية الحقيقية لأي مشروع نهضوي، وهو ما حرص عليه معظم المصلحين، وهو الحل لما يعانيه المجتمع من الخلل الذي يعيق أو يؤخر تحديث البنية التحتية وبرامج التنمية التي تعيشها جدة. [email protected]