أصبحت كلمة الحرية مزارا عالميا في جميع الدول، منهم من جعلها تمثالا، والبعض الآخر أطلقها على الأشياء العظيمة في بلاده، وطرقاته ومتاحفه، ومنهم من جعل الحرية سيادة واستقلالا لدولته ومواطنيه. أسرف الفلاسفة في بناء الإنسان، وتشريع الحرية له كحركة وفعل ومشروع وجوهر، لو ذكرنا أسماء الفلاسفة الذين تناولوا هذا الشأن لأصبح المقال كرنفالا من الأسماء والألقاب ،فمنهم من جعل الأمر مطلقا، ومنهم من جرد الميول الذاتية ليحتل مكانا عاليا في موسوعة الحرية الشخصية، وظهرت فكرة الذات الحرة والمتأرجحة بين العقل والواقع التي تحافظ على هويتها الشخصية شرط نيل مزيد من التحرر العقلاني. تناولت الكتب الفلسفية المحور الأول :الشخص والهوية، ثم في المحور الثاني: الشخص بوصفه قيمة، وفي المحور الثالث: الشخص بين الضرورة والحرية. فكان تحت غطاء الإنسان مشروع «لسارتر» والحرية بشروط ل «إمانويل مونيي» ، ولكن للأسف لم نجد في مجتمعنا من البعض سوى إشكاليه قديمة حول الحرية والشخص، ولم ينظر للإنسان كونه غاية، قبل العدسات التي تحيط به من جميع الجهات، وإملاء وجهات النظر المختلفة عليه بوصفة داخل دائرة المجتمع والوضع المشروط. إن آلية التعريف التي يعتمدها المحرض على قيود الحرية ليست إلا قمعا للحقوق، ونشرا للعزلة، والتعارض اللامسؤول مع طبيعة الإنسان الأولى، وجاء الإسلام فأقر الحرية في زمن كان الناس فيه مستعبدين: فكريا، وسياسيا، واجتماعيا، ودينيا، واقتصاديا، في وقت كانت حرية الفكر، وحرية القول، والنقد، أهم الحريات التي يبحث عنها البشر. أشرعت لنا التقنية أبواب النصوص، وحررت النهار من تفاوت الظلام، وازدهرت العلوم تحت سقف الحرية، وأغدقت حكومتنا الرشيدة على هذه التقنيات، وجعلت لكل تطور هوية وعلاقة حرة، واختارت نواة لكل طموح يسعى لها المجتهد والباحث، وسخرت الرغبات إلى جدوى وفاعلية تعود بالنفع على الفرد والمؤسسة. ومع هذا يجب أن يستثمر الناس مهما تفاوتت الأفكار والقناعات هذه المميزات بهدف دعم الإنسان ليعيش التمدن، ويعتاد المدنية، ويصبح جزءا فاعلا في كيان المجتمع الذي تستمر به الحياة، و يعيش بطلا في ذاكرة التاريخ، و يعمل على استخلاص الحرية من وعي الواقع.