بداية أقدم التهنئة لكل النساء السعوديات بعد أن أصبح من حقهن أن يحظين بمقعد في مجلس الشورى بعضوية كاملة باعتبارهن مواطنات لهن من الحقوق وعليهن من الواجبات والمسؤوليات ما على المواطن فلهن مثل الذي عليهن بالمعروف. ضجة واسعة وتوقعات عالية وأسئلة كثيرة تثار حول ما ستقدمه المرأة في مجلس الشورى وحول جدوى مشاركتها. توضع المرأة تحت المجهر وتنصب لها المحاكم الصارمة ويدقق في مؤهلاتها وقدرتها على الإنجاز وكأننا نطلب من المرأة أن تأتي بما لم يستطعه الأوائل أو أن تتحمل وزر تأخر مشاركتها السياسية، متناسين أن دور المرأة في المجلس هو نفس دور الرجل في المجلس ووفقا لآليات عمله من تقديم المشورة والتوصيات في كل ما يعرض على المجلس من خلال لجانه المختلفة ووفقا لاهتمامات أعضائه وتخصصاتهم وخبرتهم. إن دخول المرأة لمجلس الشورى لا يعني أن العالم سيصبح أفضل بين عشية وضحاها ولا أن مشاكلنا ستنتهي ولا أن المرأة ستحل كل القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لكن وبالتأكيد فإن وجود المرأة في مجلس الشورى يعني أنه سيكون هناك توازن وتكامل في الرؤى التي تقدم في المجلس من كل من الرجال والنساء وأن هناك أهدافا ستتحقق بإذن الله إذا ما عملت النساء على التعاضد مع النساء وعلى إيصال أصواتهن ومنظورهن مما يساعد في اتخاذ القرارات المفصلية التي تخدم المرأة والأسرة وتساعد على تقدم المجتمع وتحسين أوضاع أفراده اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. وبهذه المناسبة أستحضر ما قالته مادلين ألبرايت أول وزيرة للخارجية الأمريكية وأول مندوبة دائمة للولايات المتحدة في الأممالمتحدة في لقاء معها حول ما واجهته من تحديات كونها أول امرأة تعين في هذه المناصب التي ظلت حكرا على الرجال لمدة طويلة. تقول ألبرايت إنها واجهت الكثير من الأسئلة حول قدرتها على أداء مهامها الخارجية بشكل صحيح كونها امرأة في منصب دبلوماسي، وحول جدية الآخرين في النظر إليها لأنهم غالبا ما ينظرون إليها باعتبارها أما حنونا أو طاهية جيدة أو مدبرة منزل أو مربية أطفال أو سكرتيرة. كما أنها وغيرها من النساء الذين تولوا مناصب قيادية عليا كن دائما في مواجهة جوانب شكلية لا تمثل قضية بالنسبة للرجال مثل ماذا يلبسن وماذا يقلن وكيف يجلسن وماذا يأكلن ويشربن، وهي أسئلة نادرا ما تثار إذا كان المنصب من نصيب الرجل. وإذا تجاوزنا هذه الأسئلة الشكلية نجد أن السرديات المتداولة بيننا اليوم حول مشاركة المرأة في مجلس الشورى تركز على جدلية هل ستناقش المرأة قضايا المرأة أم قضايا المجتمع والتنمية بشكل عام؟ وكأن هناك تعارضا بين أن تناقش المرأة قضاياها وقضايا المجتمع في ذات الوقت. قضايا المرأة مهمة حتما وسيكون للمرأة دور كبير في طرحها ومناقشتها وتقديم حلول لها من وجهة نظر المرأة ومن خلال تكوين مجموعات داعمة لها من الرجال والنساء. لكن ذلك لا يعني أن يقتصر دور المرأة في مجلس الشورى على تلك القضايا فقط فالمجتمع بحاجة لمنظور وطني رحب يكون وقوده رؤية متكاملة لأعضاء وعضوات مجلس الشورى بعيدة عن النخبوية وقريبة من معاناة المجتمع بكل شرائحه خاصة الفقيرة والمظلومة والمميز ضدها.