ربما يستغرب الكثيرون حين يتبادر لأسماعهم أن الإعسار مهنة ، كيف لا تكون كذلك والبعض يمتهنها ويحولها إلى مصدر ثراء لا يشق له غبار ، حيث اعتادت فئة معينة التردد على السجون قبل فترات العفو وتكفل الدولة بالسداد ليحجز مقعده خلف القضبان وما أن تبدأ ساعة الصفر لإطلاق المعسرين يكون أول المستفيدين من القرار. وعن أعداد المعسرين الذين يتحايلون على النظام ويترددون على السجون ويشملهم العفو ومن ثم يتورطون في الديون للعودة للسجن بحثا عن العفو والربح المادي ذكر ل «عكاظ» مدير اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم بمحافظة الطائف شادي الحارثي، أن غالبية السجناء في الفترة الراهنية يعلمون بإعلان اللجنة عن مثل هذا الأمر في داخل السجن وأيضا تنبيه إدارة السجن ، لافتا إلى أن السجناء يتناقلون هذا التحذير بأنه في حال تكرار الدين لن يتم مساعدة السجين ، وأصبح من النادر وقوع هذا النوع من التحايل ، ولو تم حصرها خلال العام لا تكون إلا في حالة أو حالتين فقط . وأشار إلى وجود تنسيق بين لجنة رعاية السجناء والسجون حول الأسماء الذين تم العفو عنهم بأن تحفظ في النظام ، لأنه في حال تكرار وقوع السجين في الدين لا يشمله العفو ، وأيضا حتى الذين وقعوا في الديون، وإن حديثي العهد بالدخول في السجن لا يشملهم العفو كذلك ، مضيفا بأن شروط العفو تنطبق على من مكث في السجن (3) أشهر ، لافتا إلى أن تطبيق مثل هذه الإجراءات حتى لا يتقصد البعض من النزلاء الوقوع في ديون والدخول للسجن على سبيل المثال قبل شهر رمضان بالتحديد في شهري رجب وشعبان ، لأنه في الغالب يكون هناك من الصالحين من يقومون بالتبرع وتسديد الدين عن السجناء من باب تقديم عمل الخير لإخراجهم . تحايل ونصب من جهته أوضح الدكتور فهد المطلق رئيس جمعية تراحم الخيرية لرعاية أسر السجناء في بريدة أن لديهم شروطا ومعايير لمساعدة السجناء من أهمها أن لا يكون هناك تحايل أو نصب ولم يرتبط بجريمة ولم يسبق له الاستفادة من الجمعية وأن يحمل صك إعسار كما يشترط أن يتنازل الطرف الآخر عن جزء من قيمة الدين كما يشترط إطلاق سراح السجين خلال مدة لا تتجاوز اليومين بعد سداد المبلغ وأخذ ما يثبت من الطرف الآخر استلام دينه، كما أن هناك لجنة مكونة من خمسة أشخاص من أعضاء الجمعية يقومون بمراجعة الأوراق والإثباتات التي تؤكد عجز المعسر وعن عودة المعسر بعد فك دينه مرة أخرى للسجن أكد الدكتور المطلق أنهم غير مسؤولين عنه والأمر يختص بإدارة السجون فهي من تقرر العقوبة . وتشير معلومات إلى أن عدد الحالات التي يتم إيقافها داخل سجن محافظة المخواة تتراوح بين 6 7 حالات جميعها مطالبة بمبالغ مالية ، أدنى حالة بينها لمعسر تجاوزت ديونه 300 ألف ريال، ومن الحالات مواطن تورط في ماعرف بمساهمات «سوا» ويجدد إيقافه كل (4) أشهر دون أن يشمله سداد أو عفو منذ مدة زمنية ليست بالقصيرة. فاعلو الخير كما ألمح مدير سجون المنطقة الشرقية العميد عبدالرحمن الرويسان إلى وجود معسرين يثبت إعسارهم عبر الطرق النظامية وتصدق من المحكمة على أنهم معسرون، وهؤلاء تنظر لجان العفو في أوضاعهم حسب المبلغ المالي والقدرة على التسديد من قبل المحسنين والجمعيات الخيرية والإدارة العامة للسجون حيث يتم النظر في وضعه ويعفى عنه إذا تم التسديد أما أصحاب المبالغ البسيطة سواء كان ذلك ضائقة مالية أو عدم القدرة على سداد أو تأخر عن دفع الإيجاروخلافها من الديون التي تثبت للجنة فهؤلاء يتم السداد عنهم من قبل فاعلي الخير والجمعيات الخيرية والإمارة والسجون ويتم الإفراج عنهم أثناء العفو. وأضاف: أما من تترتب عليه ديون مالية بسبب مخالفات كتحرير الشيكات بدون رصيد أو الاختلاسات المالية أو النصب والاحتيال والجرائم المالية فهؤلاء لا يخضعون للعفو ولا يشملهم ، كما أن العفو لا يشمل من يثبت للجنة تكراره للسجن بسبب الديون. السرقات وعدم التكرار ونوه العقيد متعب الغازي مدير شعبة سجون منطقة حائل إلى أن العفو يشمل الحق الخاص لأصحاب القضايا البسيطة وغير المتكررة كالسرقات والديون البسيطة. وكشف العقيد الغازي عن وجود محكوميات لا يشملها العفو تخص أصحاب الديون الذين يكررون دخول السجن في كل موسم لكي يقضى عنهم دينهم وهم قليل بسجون حائل لا يتعدون(6 سجناء) كما لا يشمل العفو أصحاب السرقات بشكل عصابات وهم معدودون. من جهته، أوضح الناطق الإعلامي بإمارة عسير عوض محمد أن هناك أنظمة تعمل بها الآن الإمارات بالتعاون مع اللجان الخاصة بالسجون وإدارات السجون لكبح التحايل على الانظمة، منوها إلى أن الأعداد ليست بالكبيرة على مستوى منطقة عسير. الاتكال على الصكوك و قال مدير إدارة الحقوق بإمارة عسير محمد بدوي الاحمري إن السجناء المطالبين بحقوق خاصة يعسرون ويطلق سراحهم، معتمدين على صك الاعسار ذريعة لهم بشرط عدم وجود قضايا أخرى، ومن ثم العودة إلى التورط فى ديون أخرى وهذا مخالف للأنظمة ويعتبر تحايلا. 35 % مديونون وكشف مصدر فى المحكمة الكبرى بعسير عن وجود آلية جديدة سيتم العمل بها العام المقبل ستوقف المتحايلين، وأشار المصدر نفسه إلى أن صكوك الاعسار لا تتجاوز 10 صكوك على مستوى المنطقة، وهذا يعتبر قليلا مقارنة بالمعسرين على مستوى المناطق. وأشار الدكتور عبدالله الزهرة الى أن الدراسة الحديثة تبين إن نسبة المواطنين الذين يعانون من تراكم الديون وصل إلى 35%. فيما قال مدير إدارة السجون بعسير العميد حمد بن قليل الجعيد إن هناك لجانا تهتم وتدرس ملفات المعسرين، وتدققها ويتم عمل آلية لمعرفة اسم الشخص وعدم عودته فى التورط في الديون وعودته مجددا للسجن، وأشار الجعيد إلى أن هذه لا تعتبر ظاهرة مطالبا المواطنين بمعرفة القوانين لتجنب الوقوع فى الديون. لايستحقون العفو وتحدث ل «عكاظ» السجين ناصر (ش) قائلا «العفو لا يشملنا بسبب المبلغ المترتب عليّ والبالغ مليون ريال» ، فيما أشار زميله في ذات العنبر إلى أن مدة محكوميته طويلة علما بأن مبلغ الدين ليس كبيرا إلا أنه لم يعف عنه بسبب انتمائه لعصابة سرقة . ونوه أحد المسجونين في قضية دين بأن الكثيرين الذين خلف القضبان لا يستحقون العفو لتماديهم في السداد واتباعهم أساليب نصب واحتيال تطال أفراد المجتمع وهؤلاء لا يستحقون أن يشملهم العفو لأنهم دأبوا على أكل مال الناس بغير وجه حق على حد تعبيره. فيما يقول (محمد. س) معسر ومطالب بسدد 900 ألف ريال، إن الهدف من التحايل كي يشملهم العفو، منوها إلى أن صك الإعسار بحاجة إلى فترة طويلة ليتم استخراجه من قبل المحكمة تمتد إلى 3 سنوات تقريبا، مشيرا إلى أن قضيته هي التورط فى فتح أحد المكاتب التي تتعامل مع المواطنين فى بعض الخدمات الخاصة. عفو وموت وتسترجع المواطنة أم عبدالرحمن من سكان محافظة الجبيل تفاصيل قضية سجن شقيقها (محمد) لمدة عشر سنوات في دبي بدولة الإمارات بسبب قضية مالية لا تتجاوز 180 ألف ريال سعودي بعد خسارته في محل تجاري قبل أن يتم التسديد عنه من قبل رجل أعمال سعودي مقيم في دبي ووفاته بعد عودته للمملكة بأسبوعين . وقالت: ضاعت تلك السنوات من عمر أخي والتي تخللتها خسائر كبيرة حيث فقد زوجته ووالده فقد توفاهما الله وهو لم يشاهدهما بسبب السجن، كما حرم ابنه من التسجيل في الدراسة والحصول على إثبات الهوية الوطنية، والسبب مبلغ مالي لم يكن لدى العائلة القدرة على السداد، وأضافت: يسر الله لنا وجه الخير لتسديد المبلغ فخرج أخي وعاد إلينا وفرحنا برؤيته لأنه العائل الوحيد لدينا فلم يمض على عودته أسبوعان فقط حتى توفاه الله على فراشه فعندما حاولت إيقاظه لصلاة الفجر وجدته قد سلم الروح لبارئها.