رصد: محمد عبدالرزاق القشعمي عندما نستعيد بدايات الأستاذ الرائد حسن نصيف مع الكتابة لا بد لنا أن نسترشد بما كتبه شخصيا حينما قال عن أول اتصاله بالصحافة: «إن الذكريات تستمد من الذاكرة لا من كتاب مكتوب، لذلك سوف أنشرها دون مراعاة لترتيب التواريخ، بل وفقا لما تسعفنى به الذاكرة». كان ذلك في عام 1352ه (1933م) على ما أذكر وكنت طالبا بمدرسة الفلاح بجدة، وعمري اثنتا عشرة سنة حين زارنا خالي ومعه ورقة كتب فيها مقالا بعنوان: «الغرفة الفلاحية لتعليم اللغة الانجليزية بجدة» وموقعة بتوقيع (فلاحي) والكلمة فيها دعاية لأستاذنا (علي عيد) إثر عودته من الهند وافتتاحه مدرسة ليلية لتعليم اللغة الإنجليزية، وطلب خالي أن أبعثها إلى جريدة محلية لنشرها كأنها صادرة عني فاستصوبت هذه الفكرة. وما إن نشرت هذه الكلمة حتى بدأت أتيه أمام زملائي وأشير إليهم من طرف خفي أنني صاحب الكلمة. وحثني ما قابلني به زملائي على مواصلة السير في الطريق. كان والدي قد أهداني كتابا.. واقتبست منه اقتباسا حرفيا مقالا عنوانه (العلم) ووقعته باسم (المتعلم الفلاحي) ونشرته الجريدة التي كان يشرف عليها أحد أقربائي وأخذ الزملاء يتهامسون ويتساءلون عن هذه النجابة الإنشائية الطارئة.. وانطلت الحيلة على والدي فزودني بمجموعة جديدة من الكتب الأدبية. ثم رأيت أن أستمر وألا أحرم القراء من هذا الإنتاج الأدبي الرفيع.. فعمدت إلى (أسلوب الحكيم) مرة أخرى واقتبست منه مقالا عن (الأخلاق) اقتباسا حرفيا وبعثته إلى الجريدة، ويظهر أن قريبي المشرف على الجريدة أحس بالأمر فلم ير هذا المقال النور حتى يومنا هذا.. وكانت خيبة أمل، صرفتني على كره عن الكتابة في الصحف مدة طويلة، وحرم الناس من هذا المنهل الثقافي العذب الذي لو استمر لكانت ثقافة القراء في بلادنا قد انقلبت رأسا على عقب.. ولكن الله سلم.!