في الوقت الذي يعمل فيه المبعوث العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي على تقريب وجهات النظر بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا حول سبل الحل السياسي في سورية في اجتماع جنيف، شن النظام السوري هجوما عنيفا عليه متهما إياه بالعمالة لصالح جهات تعادي سورية. فهل انتهت بذلك مهمة الإبراهيمي برصاصة النظام السوري؟!. المبعوث العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي لم يكن المبعوث الأول ولن يكون الأخير الذي يصطدم بجدار تعنت ولا واقعية النظام السوري ورأسه بشار. فللسلف كوفي عنان تجربة مرة ومحطات مريرة مع النظام الذي استنفد اللحظة الأولى على استراتيجية القبول المبدئي الأولي بكل المبادرات ثم الانقضاض عليها لاحقا في سياق واحد هو كسب الوقت والوقت فقط والمراهنة على يأس الداخل والخارج وبالتالي الاستسلام لطروحات النظام التي تارة يسميها مبادرات وتارة رؤى سياسية..! الهجوم الذي شنته خارجية النظام السوري على الإبراهيمي لم يكن بداية الحملة الأسدية على المبعوث العربي والدولي بل إن هذه الحملة بدأت عندما استأخر النظام تحديد موعد للقاء الأسد مع الإبراهيمي وهو موعد لم يتحقق إلا بتدخل روسي ثم بمحضر اللقاء بين الأسد والإبراهيمي الأخير ولعل ما يمكن الجزم بمصداقيته من محضر هذا اللقاء ما نقله الإبراهيمي نفسه عن الأسد حيث قال: «لقد قال لي الأسد إنه سيعلن عن مبادرة للحل قريبا..»، وفي سياق التحليل البنيوي لهذه الجملة من المحضر أي أن الأسد عندما صرح بذلك على الإبراهيمي كان وكأنه يرد على طرح ما قدمه الإبراهيمي للأسد أي مشروع مبادرة، فعمد الأسد إلى رفضها عبر إعلانه عن عدم الحاجة لها كونه سيقدم مبادرة للحل السياسي! النظام السوري وعبر بشار قالها واضحة للأخضر كل المبادرات التي تسوقها مرفوضة وكل المساعي التي تقودها فاشلة وعندما لم يفهم الإبراهيمي ومعه العالم الرسالة بوضوح خرج الأسد ليقولها بطرحه في خطابه الأخير مخاطبا العالم بعدما ألغى شعبه ليقول الكلمة لي في أية مبادرة والحل السياسي هو ما أراه أنا دون غيري. على خلفية كل ذلك يمكننا أن نتساءل ما إن كانت مهمة لإبراهيمي قد انتهت؟! ما يمكن حسمه أن طبيعة مهمة الإبراهيمي قد تحولت وأن لقاءاته مع الأسد انتهت وبالتالي فإن ما بقي أمام الإبراهيمي دون أدنى شك الانتظار للإشراف على «تفليسة» النظام الأسدي وبالتالي العمل كمشرف أو كمندوب دولي على المرحلة الانتقالية في سورية والتي لا خلاف عليها.. مرحلة كل النقاش يدور حول تفاصيل فيها إلا أن المحسوم أن الأسد لا مكان له فيها مطلقا، هذا ما يقوله الواقع وهذا ما قاله الإبراهيمي نفسه.