تعتبر المملكة من أكبر 25 اقتصادا في العالم، حيث حققت المرتبة 20، وأكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، وما زالت تحقق فوائض متنامية في ميزانياتها، ولكن هذا النمو لم يكن بسب التنمية الاستثمارية، بل بسبب زيادة أسعار النفط، وحجم الإنتاج، وهنا يكمن الخلل فهناك شبه إجماع على أن هناك انخفاضا في حجم الاستثمارات المحلية بسبب عدم جاذبية البيئة الاستثمارية، وكثرة العوائق التي تواجه المستثمر المحلي. فالسيولة تجذبها البيئة الاستثمارية الخصبة المرنة والمنظمة، وتهرب من البيئة المعقدة البيروقراطية والعشوائية. في حالة مثل المملكة ما زلنا نعاني من عوائق عدة، وبيروقراطية مملة تحبط المستثمر المحلي، فهناك أنظمة لم تحدث منذ ثلاثين عاما، ولوائح تنفيذية لم يعدل فيها إلا نقاط هامشية، كما أن هناك أنظمة مفاجئة دون سابق إنذار وقوانين غير واضحة، ما يسمح للجهات التنفيذية في الاجتهاد في تنفيذها بشكل عشوائي، ما أدى إلى ضعف بيئة الاستثمار المحلي، وتعدد عوائقه ،وكان سببا رئيسيا لهجرة الأموال في فترة من الفترات، إضافة إلى زيادة نسبة البطالة بسب خروج المشاريع من السوق، ولعل اللوم هنا ليس على وزارة بعينها، بل على منظمومة متكاملة، وفكر حكومي يجب تطويره، وتحديث أنظمته، وآليات تنفيذه؛ ما يساهم في تحسن مناخ الاستثمار، وإزالة معوقاته، وتطوير بنية الاستثمار المحلي، وزيادة سرعة إنجاز الإجراءات الحكومية. كنا وما زلنا نأمل أن نجد دورا ملموسا لهيئة الاستثمار في تطوير بيئة الاستثمار، ولكن يبدو أنه اختلط على الهيئة أولوياتها، والتفتت إلى جذب المستثمر الأجنبي وتجاهلت المستثمر المحلي كمن يضع العربة قبل الحصان، فرغم أهمية الاستثمار الأجنبي، ودوره لكن الأهم هو تجهيز بنية تحتية تجذب هذا الاستثمار وتعزز بقاءه، فلا زالت هيئة الاستثمار تسعى إلى جذب المستثمر الأجنبي متناسية تذليل عوائق المستثمر المحلي، وأن تقوم بدور تكاملي مع القطاع الخاص في تطوير الإجراءات الحكومية.. فعلا هناك فوائض في ازدياد كما أن هناك عوائق في ازدياد!!. *رئيس مركز ارك للدراسات والاستشارات [email protected]