لا يزال الحديث عن فتح سوق المال السعودي للأجانب يتكرر، وآخره الانقسام الذي حدث الأسبوع الماضي في مجلس الشورى حول توصية أحد الأعضاء بفتح السوق للاستثمار الأجنبي التى أرى أنها أتت متأخرة من المجلس، حيث هناك مطالبات من الاقتصاديين بفتح السوق منذ 2008، وخصوصا بعد انخفاض السيولة في السوق ما نتج عن ذلك انخفاض مؤثر في المؤشر، ورغم احترامي لاختلاف المختصين في المجلس إلا أن من يدرس وضع السوق السعودي فنيا أو أساسيا يجد بدون أدنى شك أن أداء السوق وخصوصا في العامين الماضيين لا يعكس حقيقة الاقتصاد السعودي من حيث الفوائض المحققة، أو الإنفاق الحكومي، أو النمو بالناتج المحلي الإجمالي، وهذا يخالف قاعدة الأسواق بأنها مرآة الاقتصاد. لعل أبرز أسباب ضعف الأداء هو شيوع التداول الفردي على التداول المؤسسي، وعلى سبيل المثال لا الحصر خلال العام 2012 كانت حصة الأفراد من عمليات السوق تقريبا 90 في المئة، وهذه تعتبر نسبة عالية حتى للأسواق الناشئة، وتؤثر سلبا على أداء المؤشر لاسيما أن الأفراد يعتمدون على المضاربة، ويستهدفون الشركات المضاربية دون الالتفات إلى نتائج الشركة وخططها المستقبلية، وهذا ما أوضحته الأرقام، حيث كانت مبيعات الأفراد خلال عام 2012 تفوق مشترياتهم بمقدار 48 مليارا، على نقيض الشركات التي غالبا ما تستهف شركات العوائد والقيادية، وتستثمر عادة لأكثر من عام، وعلى رغم ضعف حصتهم من عمليات السوق مقارنة بالأفراد إلا أن مشترياتهم خلال هذا العام تفوق مبيعاتهم بمقدر 39 مليارا. لاشك أن الاستثمار المؤسسي يؤدي إلى زيادة عمق السوق، وإدخال سيولة استثمارية في السوق تساهم في استقراره، ولعل من يتابع التقارير الأجنبية ورغبة الشركات العالمية في دخول السوق السعودي بشكل مباشر خصوصا الشركات القيادية لن يجد مبررا لهئية سوق المال من هذا التحفظ على فتح السوق، وإن كان سبب التخوف هو فقاعة الأجانب والسيولة الذكية. فوضع ضوابط وآليات تكفل للسوق الحماية الكافية وبنفس الوقت تسمح للمستثمر الأجنبي بالدخول المباشر كما حدث في دول مجاورة من شأنه يخفف من هذه المخاطر، ويزيد من الثقة في السيولة المحلية. التأخر أكثر من ذلك سيؤثر سلبا على السوق، ويدخل المتداولين في رتابة قد تسبب عزوفهم. * رئيس مركز ارك للدراسات والاستشارات [email protected]