نشرت صحيفة الاقتصادية يوم الجمعة 22 صفر 1434ه (4 يناير 2013م) عن وكالة (فيتشي) -إحدى كبريات وكالات التصنيف الإئتمانى- أن الموازنة العامة للمملكة لعام 2013 قد وضعت على أساس سعر برميل البترول هو 60 دولارا أمريكيا فقط، وبحساب إنتاج يومي يقدر بحوالى 9.7 مليون برميل بترول. وقد ذكرت الوكالة أيضا أن الإيرادات الفعلية عادة ما تتجاوز الإيرادات المقدرة إلى حد كبير، كما حدث على مدى موازنات السنوات الخمس الماضية حيث زادت الإيرادات الفعلية عن الإيرادات المتوقعة بمعدل 82 في المئة تقريبا. الأرقام الكبيرة التي جاءت في ميزانية 2013م تدل على خير كبير يتدفق على البلاد والعباد، وتدل أيضا على طموحات هائلة في خطط التنمية والمنصرفات على الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والإسكان والمشاريع العملاقة التي تطمح المملكة إلى إنهائها في أوقات قياسية. وسواء نتفق أو لا نتفق على المبررات السياسية والاقتصادية والمالية للإنتاج اليومي للبترول الذي يفوق بكثير حاجة المملكة الحالية للإيرادات والمصروفات، إلا ان هناك توافقا عاما في ضرورة إنشاء ما يسمى بالصندوق الوطني السيادي تحت إدارة هيئة مستقلة ماليا وإداريا عن بقية أجهزة الدولة الأخرى، وبرئاسة مليك البلاد حفظه الله، تحفظ فيه هذه الأموال التي تفيض عن حاجة المملكة في موازناتها العامة، ثم يعاد استثمارها على مستوى العالم في منتجات طويلة الأمد، ذات عوائد مالية جيدة، تضخ مرة أخرى في عجلة الاستثمار للأجيال القادمة، فهذا حقهم أولا وأخيرا. وقد كتب الكثير من الكتاب والمتخصصين في هذا الموضوع المهم، منهم أعزاؤنا سعادة الدكتورعبدالعزيز الدخيل والدكتور محمد سالم الصبان، وكلاهما متخصص قدير في مجال الاقتصاد. ولكني -شخصيا- لا أظن أن الموضوع هو أموال فقط، ومبالغ طائلة تصرف هنا وهناك، و موازنات كبيرة ذات أرقام مهولة لم نكن نسمع عنها من قبل ولا يعرف بعضنا كيف يقرؤها أو يكتبها، وإن كنا لا نزال نردد دائما «اللهم زيد وبارك». الموضوع ليس (فلوس) فقط، فكم من أمم أعطاها الله من الثروات والخيرات ما لم تحسن استغلاله، فعادت تجر أذيال الخيبة، وأفلست. وكم من أمم بدأت بالقليل من المال والموارد الطبيعية، ولكن بالكثير من التدبير والعقل والجهد الخالص والعمل الجاد، فباتت من أعظم الأمم تطورا وحضارة ورقيا، وأكثرها صناعة وتجارة وغنى. وباعتبار أن الميزانية العامة للدولة، بكل أموالها الطائلة ومصروفاتها الضخمة وطموحاتها الهائلة، ما هي إلا وسيلة فقط لتحقيق مرحلة محددة من مراحل التنمية الشاملة لبلادنا، لا يجب علينا أن نفرح ونهلل فقط لهذه الأرقام المهولة، فهي تبقى في النهاية مجرد أرقام. وإنما يجب أن ننتظر ونقيم ونتدارس الناتج النهائي من هذه الأرقام، أي ما حققته تلك الإيرادات والمصروفات من أعمال ومنجزات على الأرض، مقارنة بطموحات وأهداف خطط التنمية. بمعنى آخر، لا معنى هناك على الإطلاق لكل هذه الأرقام الفلكية للإيرادات والمصروفات التي توضحها أي موازنة، إلا إذا ترجمت الى إنجازات حقيقية على أرضية الواقع، لخدمة ورقي الوطن والمواطنين ورخائهم وتطور نوعية حياتهم إلى الأحسن، مع الأخذ في الاعتبار دائما وأبدا أجيال المستقبل وتوقعاتهم. الإنجازات في النهاية هي المعيار، وهي المقياس. الإنجازات الناجحة دليل على الإبداع والتفوق، ونقص الإنجازات أو عدمها لا تغطيه أموال ولا تحل محلها وعود جميلة وأحلام زهرية. الإنجازات الناجحة هي دليل نجاح موازنات الأمم ورجاحة عقلها وحكمتها في طرق إدارة مواردها والتحكم السليم في إيراداتها. فعلى سبيل المثال، إذا طلبت مني مليون ريال لتبني لي منزلا خاصا، وأعطيتك ما طلبت فبنيت لي ذلك المنزل بمواد رخيصة مستهلكة، وبأساس ضعيف، وبدون توصيلات كهربية أو مائية أو تصريف صحي، فهذا ليس إنجازا إنما هدر للأموال.. علينا أن نحمد الله على نعمته، والحمد يأتي فقط عن طريق الإنجاز والعمل الجاد والإبداع، وإلا فلا موازنة تنفع ولا أموال تفيد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 129 مسافة ثم الرسالة