ثمة من عباد الله كقناة من قنوات البث ترددها عالي لا يلتقطها إلا من عاشرها من قرب يطيب له حديثها وإن صخب وتروق لك مساحتها وتلون شخصية شبيهة بفاكهة على مائدة المجلس بدونها يبدو مجلسا فاترا لا طعم له ولا رائحة فإن غشته أضفت عليه ملحا ذواقا ورائحة فواحة تنعشه وتصبو فيه صبوات المرح. بالأمس غيب الموت شخصية اتسمت بتلك السمات أبو عبدالرحمن حسن عبدالله زيلعي فاكهة المجالس تبادرك نبرة تميز صوته عن بعد قبل الدخول يستخبر عن أحوالك وأخبار ذويك ومن يليك. من لا يعرفه ينكمش قليلا وما أن يتجاذب معه شيئا من أطراف الحديث ما يلبث إلا يألفه يشعر بالقرب منه يحرص على مجالسته وجداله البريء والمليء بالطيبة وبراءة الفطرة. روحه طرية كطراوة نسمة صباح جيزانية كندى لياليها ممزوجة بدعابة لا يحمل حقدا ولا ينطوي على حسد وإن خاصم يخاصم بأدب وإن غضب يغضب في وقار يقول رأيه بلباقة وإن خالفته الرأي وإن احتد الموقف لاذ بالصمت من منطلق أن الصمت حكمة وهل تحسب انه سرها في نفسه لا بل يلاقيك كأن لم يكن. توارى جسدا وستبقى بصمته حاضرة سيذكره جلساته يرددون طيبته وتربيعة جلسته متسلطن في أريكته. فقيد المجالس ملح طعمها وفاكهة مجلسها لا تلقاه إلا مبتسما ولا تغادره إلا وتغشاك ضحكته. رحمه الله رحمة الأبرار ولقاه نضرة وسرورا.