الدكتور محمد الجاسر وزير الاقتصاد والنخطيط السعودي، قال في مقابلة تلفزيونية على «روتانا خليجية» قبل أيام، بأن إنتاجية المواطن السعودي لا تليق بنا، وذكر في نفس المقابلة أن 90 في المئة من السعوديين يعملون في الدولة، وهذا الرقم الكبير ومن شخص مسؤول بحجم الوزير، لا يمكن الاعتراض عليه بدون أدلة ثابتة وموثوقة، ولا أعتقد أنها موجودة حاليا، وتفسير كلام الوزير متاح لمن أراد، مع أني لم أفهم التحفظ على إنتاجية السعوديين وتوظيف أغلبهم في القطاع العام، والدكتور الجاسر أشار في حواره التلفزيوني إلى أن 61 في المئة من العوائل السعودية تسكن في منازل مملوكة، والتسليم بصحة النسبة المذكورة يعتبر إنجازا من العيار الثقيل، خصوصا أنه يخالف كل قراءات وتوقعات المختصين والعارفين، فقد أكد برلمانيون وعقاريون سعوديون، وفي مناسبات مختلفة سبقت إعلان الموازنة الجديدة بأشهر قليلة، أن العكس هو الصحيح وزادو بأن أرقام المستأجرين في المملكة مرشحة للزيادة، وقد كشف الوزير ارتفاع البطالة بنسبة 12 في المئة في سنة 2012، ولخص أسبابها في حاجة الاقتصاد لعمالة بمستوى معرفي متدن وارتفاع المستويات المعرفية بين الشباب السعودي، وزاد بأن الطبقة المتوسطة تتسيد الموقف محليا وتفرض وجودها على بقية الطبقات الاجتماعية. بالتأكيد يجوز للوزير ما لا يجوز لغيره، ورأيه في الإنتاجية والبطالة والمستويات المعرفية محل تقدير، وحتى نضع الأمور في سياقها ومن باب حفظ الحقوق، لا بد أن نذكر بأن السعوديين سجلوا إنجازات جبارة في مجالات لا علاقة لها بما تكلم عنه الوزير، ولكنها توضح أن الرغبة في التفوق موجودة إذا توفر الحافز، ومن الأمثلة، حصول أبناء السعودية على المركز الأول في الحوادث المرورية، وفي مشاهدات «يوتيوب» وبواقع تسعين مليون مشاهدة يوميا وفي النهار وليس في الليل، واعتبارهم أكبر مستخدم لموقع «فيسبوك» في الشرق الأوسط، وأنهم أسهموا في وصول اللغة العربية إلى المركز الرابع في قائمة اللغات الأكثر استخداما على الإنترنت، بحكم استخدامهم المفرط لها في حواراتهم الإلكترونية، وبالأرقام فإن تسعة ملايين وثمانمائة وأربعين ألف مستخدم من السعودية يزورون مواقع «فيسبوك» و«تويتر» و«لينكدن» والإحصائيات مبنية على دراسات علمية ولم تأت اعتباطا ونشرها الإعلام السعودي، والسعوديون يشكلون ما نسبته 95 في المئة من زوار صالات العرض السينمائي في الخليج في أيام الأعياد والإجازات الرسمية، ومكانهم محفوظ في قائمة الخمسة الكبار الخاصة بالشعوب الكسولة، والمرأة السعودية تصنف بين أكثر نساء العالم جمالا ودلالا، ولا أدري كيف استطاع القائمون على التصنيف الأخير الخروج بهذه النتيجة، فالسعودية لا تكشف وجهها ولا تكلم إلا المحارم في الأحوال المثالية، كما أن المذكور لا يوافق إحصائية تؤكد أن 43 في المئة من نساء الخليج بدينات، إلا إذا كانت السمنة من علامات الجمال. باختصار ثقافة الترفية والتسلية مكون أساسي ومفصلي في سيكولوجية الإنسان السعودي والاستثناءات واردة، و هو لن ينسجم إلا مع أماكن وأوقات عمل تخاطب رغباته وتحقق له درجة عالية من الإمتاع، والمفروض أن يعاد ترتيب الأوليات والقضايا الساخنة بما يناسب اهتماماته، والناس في السعودية لهم خصوصية ويسكنون في بيوت مستأجرة لأنهم يصرفون موازناتهم الشهرية في الكماليات وآخر صيحات الموبايلات والسيارات والسفر واشتراكات الإنترنت والمحطات الفضائية، وقد يقترضون وتتراكم عليهم الديون لتحقيق هذا الهدف، ويدرسون البكالوريوس والماجستير والدكتوراه للوجاهة الاجتماعية، ولا يعرفون بأن استسلامهم للجهل والمعرفة البسيطة قد يؤمن لهم فرص عمل شريفة ومعقولة، والأصعب أنهم لا يخجلون من لوم الوزير الجاسر في استراحة أو جلسة نميمة أو موقع إلكتروني. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 107 مسافة ثم الرسالة