احتكار أهل العقار لمعظم المساحات السكنية يشكل، بحسب العارفين، سببا أساسيا في أزمة امتلاك السعوديين والسعوديات لمساكن، وخصوصا من يصنف منهم ضمن الطبقة المتوسطة، وهم قد يحتاجون إلى 55 سنة لشراء وحدة سكنية صغيرة، وبافتراض وجود ثقافة أو إمكانية للادخار، وادخارهم لثلاثين في المئة من الراتب الشهري، وفي سيناريو آخر لابد أن تصل دخولهم الشهرية إلى أربعة عشر ألف ريال شهريا أو مئة واثنان وسبعين ألف ريال سنويا، وقرأت إحصاء مستقبليا لسنة 2050 يضع السعوديين في المرتبة السادسة عالميا والأولى عربيا وإسلاميا، ويقول بأن مداخيلهم السنوية ستتجاوز الثلاثمائة ألف ريال، ما يعني أن قضية الإسكان ستحل بعد 38 سنة، والطبقة المتوسطة تراجعت أعدادها إلى 30 في المئة من إجمالي السكان وفق آخر الأرقام، وانضمت غالبية الخارجين من النسبة المذكورة إلى فئة محدودي الدخل والطبقات الفقيرة مثلما يسمونها، وفي الأحوال الطبيعية يمثل المنتسبون والمنتسبات للطبقة المتوسطة مانسبته 60 في المئة من بناء كل مجتمع مستقر ومتطور أو هكذا قرأت، وفي بريطانيا يمكن تحديد طبقة الشخص بالنظر إلى دخله وسكنه وأسلوب حياته، وبعض الحيوانات يصرف لها راتب أسبوعي يتجاوز المصروف عن نفس المدة لمن يعانون البطالة ولا يجدون عملا ممن يحملون الجنسية البريطانية، وأكثرهم من العرب أو مهاجري القارة السمراء الذين لا يرغبون في خسارة الراتب الحكومي والامتيازات المصاحبة ولأسباب منطقية أحيانا. ما ذكرت حدد الطبقة المتوسطة في السعودية بناء على دخلها أو أربعة عشر ألف ريال شهريا للأسرة الواحدة، وهذا الفرض متفائل وغير واقعي أبدا ولا أدري من أين جاء، وأعتقد أن تراجع نسبة الثلاثين في المئة في السنوات القادمة وارد جدا ما لم يكن مؤكد، والتقديرات تقول بأن 70 في المئة من السعوديين تقريبا لا يملكون سكنا خاصا، والسابق ينسجم تماما مع التصور البريطاني الذي يعتبر المنزل المملوك والسيارة والوظيقة المحترمة من أبرز سمات الطبقة المتوسطة «ميدل كلاس» وما دونها يصنف باعتباره طبقة عاملة «ووركينغ كلاس» والأفضل في رأيي استخدام مصطلح الطبقة العاملة وليس محدودي الدخل أو الطبقة الفقيرة، لأن الكلمات ربما حملت إيحاءات لا تعكس الواقع أو تعبر عنه بصورة دقيقة، وعلى سبيل المثال، استبدلت أمريكا مسمى وزارة الحرب بوزارة الدفاع بعد الحرب العالمية الثانية، حتى لا يفهم بأن الوزارة مهمتها الترتيب لحروب ضد الآخرين ولن أعلق فالموضوع ذو شجون، ومن المفيد أن نعرف بأن النسبة الأكبر في المجتمعات الغربية هم من الطبقة العاملة، أو ممن لا يملكون بيتا أو سيارة ورواتبهم متواضعة نسبيا. مشروعات الإسكان الحكومي في السعودية بدأت من فترة طويلة ولا زالت مستمرة، ولعل شواهدها موجودة في المباني الضخمة والمتجاورة في الرياضوجدة، وهذه المباني لم تستغل بشكل كامل لأن الشركة أو الشركات المنفذة لها وقعت في أخطاء هندسية، وأساسات المباني لا تحتمل تجاوز نسبة أشغال معينة والتجاوز قد يؤدي إلى كارثة، ولعل المشكلة تبدأ وتنتهي بالعقاريين وبالقطاع الخاص وبالسعوديين والسعوديات، فالدولة قدمت حلولا مقدرة لمشاكل الإسكان وزادت في شواغر الوظائف الحكومية وفي رواتب الموظفين في القطاع العام، ولكنها مهما فعلت لن تستطيع مواكبة الطفرة السكانية وتأمين وظائف لكل العاطلين أو مساكن لكل المستأجرين. الواجب أن تعمل هيئة الرقابة والتحقيق بعد دمجها المتوقع مع هيئة مكافحة الفساد على المراقبة المباشرة والصارمة لمشروعات الإسكان الحكومي، وتحاسب المخالفين والمتلاعبين بالمال العام وتشهر بهم وبالأسماء، وأن توصي بفرض رسوم على الأراضي السكنية غير المستغلة، وأن يقوم رجال الأعمال بدورهم ويساعدون الدولة في تمويل إسكان المستأجرين وتوظيف العاطلين، أو على الأقل يلتزمون فعلا بنسب السعودة والإحلال والراتب المعقول، وأيضا من المهم أن يستوعب العاطلون والعاطلات أو الباحثون عن عمل، بأن الفرص الوظيفية القديمة ليست ممكنة دائما فالزمن تغير والتنازلات لم تعد خيارا. binsaudb@ yahoo.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 107 مسافة ثم الرسالة