اسمع أمي تقول لأبي دوما أمل لمحمد ومحمد لأمل أعود من مدرستي تستقبلني أمي بقبلة حارة وتقول: متى تكبر؟ وأراك عريسا؟ شد حيلك يا بطل تمضي السنون -أنا أكبر- وكذا أمل ننهي الابتدائية فالمتوسطة بدأت أمل تختفي لقد كبرت وكبرت أمل وارتدت الحجاب والحياء والخجل! أكبر ويكبر الحلم ويكبر الشوق أنهي دراستي الثانوية وابدأ البحث عن وظيفة لأحقق الأمل أحصل على وظيفة لكنها بعيدة في مدينة أخرى أقبل بها وأسافر على عجل في غربتي: ثلاث سنوات أسكن في بيت صغير مستأجر أذهب منه لعملي وأعود إليه بأملي! ألمح فتاة عند ذهابي لعملي في الصباح الباكر تركب سيارة والدها هي بنت جاري بالحي الذي أسكنه عدت يوما من عملي وإذا بورقة قد أدرجت من تحت الباب! رفعتها بأمل وإذا بها ليست أمل!! كتب بها: فتنت عيناي ودخلت قلبي أراك صباحا وأحلم بك في المساء وكانت تحمل توقيع: جارتك فكتبت إليها: إن كنت قد فتنت بما رأيت فما رأيت سوى جسد أنا وجودي هنا من أجل العمل أما الفؤاد فقد بقي وتركته لدى أمل بعد ثلاث سنوات أسارع بالعودة لأملي في مسافة العودة اسمع في أذني أمي تغني «أمل لمحمد ومحمد لأمل» أصل قريتنا ليلا أدخل بيتنا على هدوء البيت هادئ لم أجد سوى والدي الكفيف ممتدا على سريره الخشبي وسط ضوء السراج الخافت يداعب مسبحته بأنامله أسلم، فيصيح من محمد؟ أنحني عليه أقبل رأسه ويديه واسأله أين أمي؟ أين أختي؟ قال ذهبن لفرح في القرية في دار ابو أحمد قلت هل تزوج أحمد قال بل أمل!! لم أتمالك جسدي وأجلس مع طرف قدميه لا أعلم من أنا وأين أنا يحادثني لا أرد يصيح ولا أرد لم أعد أسمع سوى صوت أمي تغني في الفرح لقد ضاعت أمل لقد ضاعت أمل نعم لقد ضاعت أمل التي رضعت حبها من صدر أمي عندما كانت تقول أمل لمحمد ومحمد لأمل ما أجمل احلام الطفولة حلم الحلوى والطراطيع واللعب وما أقساها عندما تكون أنت لم تعد طفلا!! محمد غالب هجري (جازان)